الحمد لله.
الركن والسنة بينهما فرق
كبير ، فالركن واجب أو فرض وزيادة ، فهو ما لا يوجد الشيء إلا به ، وكان جزءا منه ،
فمن ترك ركنا متعمدا فهو آثم لكونه ترك فرضا أو واجبا ، ومع هذا الإثم لا تصح
عبادته أو معاملته .
كمن ترك السجود في الصلاة ، فهو آثم ولا تصح صلاته ، بل لو تركه ناسيا أو جاهلا لم
تصح صلاته ، ولكنه لا يأثم في حال الجهل والنسيان .
وأما السنة فتطلق على عدة معانٍ .
منها : أنها مرادفة للمستحب والمسنون ، وهو ما أمر به الشارع من غير إلزام بالفعل .
فإذا تركها المسلم لا يأثم ، ولا تؤثر على صحة صلاته وعبادته ، غير أنه يكون قد
فَوَّت على نفسه الثواب المترتب على فعلها .
وتطلق السنة أيضا بمعنى الطريقة ، وهي بهذا المعنى شاملة للدين كله وأحكامه كلها ،
وهذا المعنى هو الذي قصده الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( فَعَلَيْكم
بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا
عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ) رواه الترمذي (2676) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي
".
أي : عليكم بطريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين في التمسك بأحكام هذا الدين والعمل بها
.
انظر : " الأصول من علم الأصول " للشيخ ابن عثيمين (ص 8) ، " الشرح الممتع "
(3/292) .
وقال أبو يعلى الفراء الحنبلي في " العدة " : (1/165-166) .
"وأما السنة : فما رسم ليحتذى ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سن سنة
حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها
ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) . ولا فرق بين أن يكون هذا المرسوم واجبًا أو غير
واجب ...
وأما الغالب على ألسنة الفقهاء إطلاق السنة على ما ليس بواجب ، وعلى هذا ينبغي أن
يقال: ما رسم ليحتذى استحبابًا " انتهى .
وقال الشوكاني :
"معنى السنة في اصطلاح أهل الشرع هي قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره ،
وتطلق بالمعنى العام على الواجب وغيره ...
وأما في عرف أهل الفقه فإنما يطلقونها على ما ليس بواجب ، وتطلق على ما يقابل
البدعة ، كقولهم : فلان من أهل السنة " انتهى من " إرشاد الفحول" ص 68 .
والله أعلم .
تعليق