الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

حديث إسماعيل بن أبي أويس في الصحيحين .

222817

تاريخ النشر : 03-06-2015

المشاهدات : 30101

السؤال


ما هي الأحاديث التي رواها البخاري أو مسلم وفي سندها إسماعيل بن أبي أويس ، وهل تصح ؟ لأنه جاء عنه أنه كان يضع الحديث .وضعفه النسائي وغيره ، وقال الدارقطني لا أختاره في الصحيح ، وقال الذهبي لو لم يخرج له الشيخان لما وثقته ، أو كلمة نحوها .

ملخص الجواب

وخلاصة ما تقدم : أن إسماعيل بن أبي أويس عالم حافظ صدوق في نفسه ، إلا أنه ربما غلط وانفرد ، وحاشاه أن يكون ممن يضع الحديث . وأن صاحبي الصحيحين لم يرويا عنه إلا ما كان من صحيح حديثه ، إما متابعة ، وإما انتخابا . والله تعالى أعلم .

الجواب

الحمد لله.


إسماعيل بن أبي أويس : هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله ، ابن أخت مالك بن أنس .
روى له الجماعة ، إلا النسائي ، قال أبو طالب عن أحمد لا بأس به ، وكذا قال عثمان الدارمي عن ابن معين، وقال ابن أبي خيثمة عنه صدوق ضعيف العقل ليس بذاك، يعني أنه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤديه أو يقرأ من غير كتابه ، وقال معاوية بن صالح عنه: هو وأبوه ضعيفان، وقال عبد الوهاب بن عصمة عن أحمد بن أبي يحيى عن ابن معين: ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث ، وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى : مخلط يكذب ليس بشيء ، وقال أبو حاتم محله الصدق وكان مغفلا ، وقال النسائي ضعيف ، وقال في موضع آخر: غير ثقة .
"تهذيب التهذيب" (1 /271) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "مقدمة الفتح" (ص388) :
" احتج به الشيخان، إلا أنهما لم يكثرا من تخريج حديثه ، ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين ، وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري، وروى له الباقون سوى النسائي فإنه أطلق القول بضعفه ، وروى عن سلمة بن شبيب ما يوجب طرح روايته ...
وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به ويعرض عما سواه . وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه لأنه كتب من أصوله، وعلى هذا : لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح ، من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره ، إلا أن يشاركه فيه غيره ، فيعتبر به " انتهى .

فإسماعيل بن أبي أويس متكلم فيه بكلام قادح ، وجرح مفسر ، مما يستوجب التوقف في قبول حديثه .
وقد أخرج له البخاري سبعة عشر حديثا تقريبا ، ولم يخرج له مما تفرد به سوى حديثين ، كما تقدم في كلام الحافظ ، فالكلام في هذين الحديثين ، لأن ما سواهما إما توبع عليه ، وإما روى له البخاري ما يشهد له من طريق آخر .
وقد قال الإمام البخاري : " كان إسماعيل بن أبي أويس إذا انتخبت من كتابه ، نسخ تلك الأحاديث لنفسه ، وقال: هذه أحاديث انتخبها محمّد بن إسماعيل من حديثي " .
انتهى من "تاريخ بغداد" (2/ 19)
فهو يعلم أن البخاري لا ينتخب من حديثه إلا الصحيح .
وقال الحافظ ابن حجر في "النكت" (1/288) :
" الذينَ انفردَ بهم البخاريُّ ممنْ تُكُلمُ فيهِ أكثرهُمْ مِنْ شيوخهِ الذينَ لَقِيهم ، وَعَرَفَ أحوالَهُم ، وَاطلع عَلَى أحاديثهم فميّز جيدها مِنْ رديها ، ولا شكَ أنَّ المرءَ أشدّ معرفة بحديثِ شيوخهِ ، وبصحيحِ حَدِيثهم مِنْ ضعيفه ، ممن تقدم عَنْ عصرهم " انتهى .

وما تقدم من أن البخاري كان ينتقي من أصوله أحاديث فيرويها عنه ، يدل على أنه لم يرو عنه إلا ما كان من صحيح حديثه ، ذلك أن الراوي إذا كان محله الصدق في نفسه ، فإن الخطأ عادة يكون من روايته للحديث من غير كتاب ، فيهم ويغلط ، وقد كان إسماعيل في الأصل صدوقا ، وليس هو بمتهم كما يقول السائل ، وقول ابن معين : كان يسرق الحديث ، لا يعني أنه كان يكذب فيه ، وخاصة أنه قال عنه مرة : لا بأس به ، وقال مرة : صدوق ضعيف العقل ، فربما عثر له من رواياته ما ليس من حديثه ، فاتهمه بسرقة الحديث ، وهذا لا يعني أنه يتهمه بالوضع .

قال الذهبي رحمه الله في ترجمة إسماعيل من "السير" (8/ 441-442):
" الإمام الحافظ الصَّدُوْقُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَصْبَحِيُّ المَدَنِيُّ ... وَكَانَ عَالِمَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَمُحَدِّثَهُم فِي زَمَانِهِ علَى نَقْصٍ فِي حِفْظِهِ وإتقانه ، ولولا أن الشَّيخَينِ احْتَجَّا بِهِ لَزُحْزِحَ حَدِيْثُهُ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيْحِ إِلَى دَرَجَةِ الحَسَنِ، هَذَا الَّذِي عِنْدِي فِيْهِ ".
ثم ذكر كلام أهل العلم فيه ثم قال :
" قُلْتُ: الرَّجُلُ قَدْ وَثَبَ إِلَى ذَاكَ البرِّ، وَاعتَمَدَهُ صَاحِبَا الصَّحِيْحَيْنِ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ صَاحِبُ أَفرَادٍ وَمَنَاكِيْرَ تَنْغَمِرُ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، فَإِنَّهُ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ " انتهى .

ولم يزد الحافظ في ترجمته في "التقريب" (ص 108) على أن قال :
" صدوق، أخطأ في أحاديث من حفظه " انتهى .
ومن كانت هذه حاله ، فإنه لا يقال عنه : متهم ، أو كذاب .

وأما الإمام مسلم ، فله عنده ستة أحاديث :
- فروى له حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ ) ، تابعه عليه عنده يحيى بن يحيى .
- وروى له عن سُلَيْمَان بْن بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، بحديث المتلاعنين ، وقد تابعه عنده الليث عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم به .
- وروى له عن أخيه عَنْ سُلَيْمَانَ بن بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، فذكرت حديث : ( أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ ) .
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (5/ 308):
" لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ إِسْمَاعِيلُ، بَلْ تَابَعَهُ أَيُّوبُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ، أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا، وَلَا انْفَرَدَ بِهِ يحيى بن سعيد، فقد أخرجه ابن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أَبِيهِ " انتهى .
- وروى له حديث : ( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ ) بمتابعة خمسة من الثقات .
- وروى له عن سليمان بن بلال عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ) وقد رواه أيضا من طريق طَلْحَة بْن يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ عَنْ يُونُسَ به .
- وروى له عن سُلَيْمَان بْن بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ عَلَى جَبَلِ حِرَاءٍ فَتَحَرَّكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اسْكُنْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ) ، وقد رواه عن قُتَيْبَة بْن سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ به .

فتبين بما تقدم أن مسلما لم يحتج به إلا في المتابعات ، مع أنه من شيوخه ، وهو أعرف بحديثه ، ولا يمكن أن يحتج به في الصحيح ، إلا وهو يعلم أن ما يرويه عنه من صحيح حديثه ، وأكابر الحفاظ لا يمكن أن يفوتهم مثل هذا ، ولهم في رواياتهم عن الشيوخ ما لا يحيط بعلمه إلا ذو الدراية الكافية .
قال الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله :
" واعلم أن كثيراً ما يروي أصحاب الصحيح حديث الرجل عن شيخ معين ، لخصوصيته به ومعرفته بحديثه وضبطه له، ولا يُخَرِّجون من حديثه عن غيره ، لكونه غير مشهور بالرواية عنه، ولا معروف بضبط حديثه، أو لغير ذلك " .
انتهى من "الصارم المنكي" (ص 194) .
وقال ابن القيم رحمه الله عند كلامه عن الحارث بن عبيد :
" وَلَا عَيْبَ عَلَى مسلم فِي إِخْرَاجِ حَدِيثِهِ، لِأَنَّهُ يَنْتَقِي مِنْ أَحَادِيثِ هَذَا الضَّرْبِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَفِظَهُ، كَمَا يَطْرَحُ مِنْ أَحَادِيثِ الثِّقَةِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ غَلِطَ فِيهِ، فَغَلِطَ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَنِ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ إِخْرَاجَ جَمِيعِ حَدِيثِ الثِّقَةِ، وَمَنْ ضَعَّفَ جَمِيعَ حَدِيثِ سَيِّئِ الْحِفْظِ " انتهى من "زاد المعاد" (1/ 353) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب