الحمد لله.
روى البيهقي رحمه الله في " البعث والنشور" (383) عَنْ أبي صَالح عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهْرًا طُولَ الْجَنَّ، حَافَّتَاهُ الْعَذَارَى قِيَامٌ مُتَقَابِلَاتٌ ، وَيُغَنِّينَ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ يَسْمَعُهَا الْخَلَائِقُ ، حَتَّى مَا يَرَوْنَ أَنَّ فِيَ الْجَنَّةِ لَذَّةً مِثْلَهَا "، قُلْنَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَا ذَلِكَ الْغِنَاءُ؟ قَالَ: " إِنْ شَاءَ اللَّهُ : التَّسْبِيحُ ، وَالتَّحْمِيدُ ، وَالتَّقْدِيسُ وَثَنَاءٌ عَلَى الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ " .
قال الشيخ الألباني رحمه
الله في "السلسلة الضعيفة" (11/ 49):
" هكذا رواه ـ يعني : جعفرا الفريابي ـ موقوفاً ، وعزاه المنذري (4/ 267) للبيهقي ؛
وهو في "البعث" (213/ 425) . قلت : وإسناده جيد، ورجاله ثقات رجال "الصحيح"؛ غير
أبي عبد الرحيم - واسمه خالد بن أبي يزيد الحراني -، وهو ثقة. وأشار المنذري
لتقويته " انتهى .
ومعنى هذا الأثر :
أن في الجنة نهرا طويلا بطول الجنة ، على حافتيه جوارٍ عذارى متقابلات ، من جواري
الجنة ، يغنين بأعذب الأصوات وأحسنها ، يسمعهن أهل الجنة ، يذكرن في غنائهن :
التسبيح والتحميد والتقديس والثناء على الرب تعالى .
ومعلوم أنه ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء .
فليس هذا الغناء الذي في الجنة كذاك الذي في الدنيا .
وقد روى ابن أبي الدنيا بسند صحيح في كتاب "صفة الجنة" (258) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ
الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ عَنْ مَجَالِسِ
اللَّهْوِ، وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ ، أَسْكِنُوهُمْ بَيَاضَ الْمِسْكِ، ثُمَّ
يَقُولُ للمَلَائِكَة: ( أَسْمِعُوهُمْ تَمْجِيدِي وَتَحْمِيدِي ) " .
وروى الآجري في "تحريم النرد والملاهي" (69) بسند صحيح عَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ: "
يُنَادِى مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ
أَنْفُسَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ عَنِ اللَّهْوِ وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ؟، قَالَ:
فَيَجْعَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي رِيَاضِ الْمِسْكِ ثُمَّ يَقُولُ
لِلْمَلَائِكَةِ: ( أَسْمِعُوهُمْ عِبَادِي تَحْمِيدِي وَتَمْجِيدِي وَالثَّنَاءَ
عَلَيَّ ، وَأَخْبِرُوهُمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .
وروى ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (328) عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: "
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ : إِنَّ عِبَادِي كَانُوا
يُحِبُّونَ الصَّوْتَ الْحَسَنَ فِي الدُّنْيَا فَيَدَعُونَهُ مِنْ أَجْلِي ،
فَأَسْمِعُوا عِبَادِي، فَيَأْخُذُونَ بِأَصْوَاتٍ مِنْ تَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ
وَتَكْبِيرٍ لَمْ يَسْمَعُوا بِمِثْلِهَا قَطُّ " .
فهذه الآثار تدل على أن التسبيح والتكبير والتهليل هو مما يتلذذون بسماعه ، تلذذ
أهل الهوى من أهل الدنيا بسماع الغناء والموسيقى ، فيسمعون الذكر بأصوات عذبة حسنة
.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (163476)
.
وقد ورد في غناء الحور العين
غير ذلك :
فروى الطبراني في "الأوسط" (6497) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ الْحُورَ فِي الْجَنَّةِ
يَتَغَنَّيْنَ يَقُلْنَ:
نَحْنُ الْحُورُ الْحِسَانُ ** هُدِينَا لِأَزْوَاجٍ كِرَامٍ )
وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1602) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (139871)
.
والله تعالى أعلم .
تعليق