الحمد لله.
أولا :
الحلف بالحرام يمين منعقدة ، وتجب فيها كفارة اليمين ؛ لما روى البخاري (4911) ومسلم (1473) عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ ، فِي الْحَرَامِ : ( يُكَفَّرُ ) . وَقَالَ : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) .
وسبق تفصيل ذلك في جواب السؤال (152170) .
ثانيا :
إذا حلف رجل على غيره أن لا يفعل شيئاً ما ، فخالف أمره وفَعَلَه ، فتجب كفارة اليمين على الحالف ؛ لأن الحالف هو الحانث .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" فإن قال والله ليفعلن فلان كذا ، أو لا يفعل ، أو حلف على حاضر ، فقال : والله لتفعلن كذا ، فأحنثه ولم يفعل : فالكفارة على الحالف .
كذلك قال ابن عمر وأهل المدينة وعطاء وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي ، لأن الحالف هو الحانث ، فكانت الكفارة عليه ، كما لو كان هو الفاعل لما يُحَنِّثه .
ولأن سبب الكفارة ، إما اليمين ، وإما الحنث، أو هما؛ وأي ذلك قُدِّر: فهو موجود في الحالف " انتهى من " المغني " (11/248) .
وقال الشيخ ابن باز :
"إذا حلفت على أولادك أو غيرهم ، حلفاً مقصوداً ، أن يفعلوا شيئاً ، أو ألا يفعلوه ، فخالفوك : فعليك كفارة يمين" انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/657) .
وينظر : "الشرح الممتع" (15/148) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (129401).
ثالثا :
يجوز أن ينوب عن الحانث غيره في إخراج الكفارة ، لكن لابد من إخباره بذلك قبل إخراجها ؛ لأنه يشترط لها النية عند إخراجها .
قال ابن رجب فيمن قضى دينا عن غيره بدون إذنه :
" فأما ديون الله عز وجل كالزكاة والكفارة : فلا يرجع بها من أداها عمن هي عليه ، وعلل القاضي ذلك بأن أداءها بدون إذن من هي عليه لا يصح، لتوقفها على نيته " انتهى من "القواعد الفقهية" (2/75) .
وقال في "كشاف القناع" (2/262) :
"(وَلَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الْوَكِيلِ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ نِيَّةِ الْمُوَكِّلِ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْمُوَكِّلِ كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ أَخْرَجَ) حُرٌّ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ (زَكَاةَ شَخْصٍ أَوْ كَفَّارَتَهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ مَالِ الْمُخْرِجِ (بِإِذْنِهِ صَحَّ) إخْرَاجُهُ عَنْهُ كَالْوَكِيلِ...
(وَإِنْ كَانَ) إخْرَاجُهُ لِزَكَاةِ غَيْرِهِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ : لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ الْوُجُوبُ، (كَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ بِلَا إذْنِهِ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَوَكَالَتِهِ عَنْهُ" انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (21/145) :
"دَيْنُ اللَّهِ الْمَالِيُّ الْمَحْضُ كَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَنِ الْغَيْرِ ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَمْ لاَ؛ لأِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إِخْرَاجُ الْمَال ، وَهُوَ يَحْصُل بِفِعْل النَّائِبِ . وَسَوَاءٌ أَكَانَ الأْدَاءُ عَنِ الْحَيِّ أَمْ عَنِ الْمَيِّتِ .
إِلاَّ أَنَّ الأْدَاءَ عَنِ الْحَيِّ : لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ، بِاتِّفَاقٍ ، وَذَلِكَ لِلاِفْتِقَارِ فِي الأَدَاءِ إِلَى النِّيَّةِ ، لأِنَّهَا عِبَادَةٌ ، فَلاَ تَسْقُطُ عَنِ الْمُكَلَّفِ بِدُونِ إِذْنِهِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ فَلاَ يُشْتَرَطُ الإْذْنُ ، إِذْ يَجُوزُ التَّبَرُّعُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ" انتهى .
والخلاصة :
يجب عليك أن تخبر والدك بذهابك للاستراحة ، لينوي إخراجها ، سواء أخرجها بنفسه ، أو كنت وكيلا عنه في إخراجها ، ولو كان ذلك من مالك ، لكن المهم أن ينوي إخراجها .
والله أعلم .
تعليق