الحمد لله.
إذا كانت الشقق ملكا للبنك، فيجوز أن يبيعها بالتقسيط، بأعلى من بيعها بالثمن الحال، وتكون الأقساط المتبقية دينا على المشتري، لكنها ليست قرضا، بل هي من ثمن المبيع، والدين أعم من القرض، والبيع بالتقسيط جائز، ولو كان بثمن أعلى من الحال .
وأما القرض مع اشتراط الزيادة فربا.
والذي يظهر أنه لو تم البيع للمشتري، ودخلت الشقة في ملكه، فهذا بيع صحيح، ولا يضر تسمية ما بقي عليه قرضا، فهو خطأ في التسمية .
لكن المشكلة الحقيقية هنا : إنما هي في النص على الزيادة ، مفصولة عن أصل الثمن ، بالصورة المذكورة في العقد ، مفصولة عن أصل الثمن ، ومعلقة على الأجل .
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي :
"لا يجوز شرعا في بيع الأجل التنصيص في العقد على فوائد التقسيط مفصولة عن الثمن الحالي بحيث ترتبط بالأجل سواء اتفق المتعاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بالفائدة السائدة اهـ ."
"مجلة مجمع الفقه" (6/1762) .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (26817) .
وينظر أيضا : "أحكام بيع التقسيط" ، سليمان التركي (232-234) .
لكن إن كان الأمر على ما ذكرت من اشتداد الحاجة إلى مثل هذه المساكن ، وعدم القدرة على صورة أفضل من ذلك : فالذي يظهر أنه لا حرج عليك في الشراء من البنك ، حتى وإن كانت صيغة عقده على ما ذكرت ، ما دام السلعة مملوكة للبنك ، وهو إنما يبيعها عليك بالتقسيط ، بثمن معلوم ، وإن أخطأ في طريقة حساب الزيادة على ثمن الحال ، أو التنصيص عليها في العقد ، ويكون الخطأ ، أو الإثم إنما هو على من ألزم المشتري بهذه الصيغة للعقد .
ولكن يراعى هنا أمور أيضا :
الأول: أن يكون إجمالي الثمن الذي تشتري به هذه الشقة بالتقسيط معلوما لك عند الشراء ؛ لأن هذا من شروط صحة البيع ، أي بيع : أن يكون الثمن معلوما للمتبايعين عند العقد .
وينظر جواب السؤال رقم (202559) .
الثاني: أن يكون الثمن باتا ، فلا يتغير المبلغ المتبقي منه ، بتغير سعر الفائدة السنوية ، أو غير ذلك من الأسباب ، ولا ينص العقد على غرامة في حال التأخر في سداد الأقساط، فإن هذه الغرامة ربا صريح، ولا يجوز التوقيع عليها أو التزامها.
جاء في قرار المجمع الفقهي رقم: 133(7/14) في دورته الرابعة عشرة بالدوحة ما نصه: " ثالثا ً: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد: فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق ، أو بدون شرط ، لأن ذلك ربا محرم " انتهى .
وينظر : الموضع السابق من كتاب " أحكام بيع التقسيط" .
الثالث : وجوب انتقال الملكية إلى المشتري بمجرد شراء الشقة، لأن هذا أثر البيع الصحيح. ولا يصح احتفاظ البائع بالملكية، وإنما له منع المشتري من بيع الشقة حتى سداد الأقساط.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن البيع بالتقسيط: " لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة " انتهى من مجلة المجمع (ع 6 ج 1 ص 193).
وجاء في المعايير الشرعية ص 116: " لا يجوز اشتراط عدم انتقال ملكية السلعة إلى العميل إلا بعد سداد الثمن؛ ولكن يجوز إرجاء تسجيل السلعة باسم العميل المشتري لغرض ضمان سداد الثمن ... وعلى المؤسسة [البائع] إعطاء المشتري (سند ضد) لإثبات حقه في الملكية" انتهى.
وجاء فيها ص 127: " مستند منع اشتراط عدم انتقال الملكية: أن هذا الشرط ينافي مقتضى عقد البيع وهو انتقال الملكية. ومستند جواز إرجاء تسجيل السلعة باسم العميل لغرض ضمان سداد الثمن : أن ذلك لا يمنع شرعا من انتقال الملكية للمشتري" انتهى.
وبقي إشكال يتعلق بقولك: " لدينا صيغة سكنية تسمى البيع بالايجار" فالإيجار المنتتهي بالتمليك يختلف عن البيع بالتقسيط، ويبقى العقار ملكا للبنك مدة الإجارة، ثم يتملكه المشتري إما بعقد بيع، أو بعقد هبة، أو بهبة معلقة على السداد، كما سبق بيانه في أجوبة عدة .
وانظر منها: جواب السؤال رقم (97625) وبينا فيه ما يشترط لصحة هذا العقد.
فينبغي أن تتحقق من صيغة العقد.
وسواء كانت الصورة من بيع التقسيط، أو من الإجارة المنتهية بالتمليك، فليس في المسألة قرض.
والله أعلم.
تعليق