الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

يريد أن يبني شقة فوق منزل أبيه لأنه أخذ شقة غير مشطبة خلافا لإخوانه

265544

تاريخ النشر : 06-06-2017

المشاهدات : 4143

السؤال

نحن 8 أبناء ؛ 4 ذكور ، و4 إناث ، ووالدي رجل كبير عمره 75 عاما ، ووالدتي 65 عاما ، قام والدي ببناء بيت 3 طوابق ، كل طابق به شقتان ، إلا الطابق الأول عبارة عن شقة ، و4 محلات ، قام الوالد بتأجيرهم لإعانته علي تكاليف المعيشة هو ووالدتي . الدور الثاني ، والثالث قام والدي بكتابة شقة بالدور الثاني باسم والدتي في مقابل أنها باعت حصة من أرضها الزراعية ؛ حتي تزوج أختي ؛ لأن الوالد لم يوجد عنده مقدرة مالية لتحمل تكاليف الزواج في ذلك الوقت ، وهذه الشقة يعيش بها والدتي ووالدي فقط ، وفي نفس الوقت أمان لوالدتي إن توفي الوالد ، يخاف علي الوالدة من أي غدر للأبناء ناحية الوالدة أطال الله في عمرهم ، ثم أعطي شقة كاملة التشطيب للأخ الأكبر ، وتزوج فيها ، وأعطاه 100جراما من الذهب ، وأعطاه أثاث الشقة كاملا ، ثم حدث خلاف بين أبي وأخي الأكبر ، فأخي ترك البيت بإرادته ، وقام بشراء شقة خارج البيت ، وبعد ذلك أخي الثاني أخذ نفس الشقة كاملة التشطيب ، وأخذ غرفة أطفال خشب كاملة ، وتزوج فيها . أخي الثالث أخذ شقة بالدور الثالث عبارة عن نصف تشطيب ، وأنا الأخ الأصغر أخذت شقة بالدور الثالث أيضا ، ولكن بدون أي تشطيب ، فقمت بتشطيبها من بدايتها إلي نهايتها ، ولم يساعدني في زواجي لا والدي ، ولا أي أحد من إخواني . سؤالي الآن : أن الأخ الأصغر أراد أن يبني في الدور الرابع شقة من ماله الخاص ، وأن تكتب ملك له بدون حصة في الأرض ، وقد وافق كل الإخوة والأخوات علي ذلك ، وعندما قمنا بالبناء ، قام الأخ الثاني بعد أن كان موافقا قام بالرفض عندما علم بأن البيت لا يتحمل دوراً آخر غير الرابع ، ويقول : إنه غير مسامح إن فعل والدنا وكتب هذه الشقة باسم الابن الأصغر ، والذي بناها من ماله الخاص ، ويقول : إنه يوجد تفرقة ، ويقول الوالد : إن الابن الثاني أخذ شقة كاملة التشطيب ، بينما الابن الأصغر هو من قام بتزويج نفسه ، فإما أن تعوضوا أخاكم الأصغر بمبلغ مالي ، أو سيقوم الأب بكتابة عقد تمليك للابن الأصغر بالشقة التي بناها من ماله .

الجواب

الحمد لله.

الواجب على الأب أن يعدل بين أبنائه ، فينفق عليهم جميعا بحسب حاجتهم .

وما كان زائدا على النفقة، كسيارة، أو شقة، ونحو ذلك : فإنه يجوز إعارتها للابن المحتاج

إليها، مع بقاء ملكيتها للأب، فتندفع بذلك حاجة الابن، مع بقاء العين.

فإن وهب شيئا من ذلك لأحد أبنائه، وجب أن يعدل، فيعطي غيره مثله، ويعطى الأنثى نصف ما أعطى الذكر، إلا إذا رضي أولاده بالتفضيل، وكانوا بالغين راشدين، فلا حرج حينئذ.

 والأصل في وجوب العدل في العطية: ما روى البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ قَالَ لَا قَالَ: (فَارْجِعْهُ). ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما.

ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ لَا قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.

وفي رواية للبخاري أيضا (2650): (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).

وفي رواية لمسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي فَقَالَ أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟ قَالَ لَا قَالَ: (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي) ثُمَّ قَالَ: (أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً) قَالَ بَلَى قَالَ: (فَلَا إِذًا).

وتعطى البنت نصف ما يعطى الذكر، وهذا مذهب الحنابلة، وذهب الجمهور إلى أنها تعطى مثل الذكر.

قال ابن قدامة رحمه الله: " إذا ثبت هذا ، فالتسوية المستحبة أن يقسم بينهم على حسب قسمة الله تعالى الميراث ، فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وبهذا قال عطاء، وشريح ، وإسحاق ، ومحمد بن الحسن. قال شريح لرجل قسم ماله بين ولده: ارددهم إلى سهام الله تعالى وفرائضه. وقال عطاء: ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى.

وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وابن المبارك: تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد: " سو بينهم ". وعلل ذلك بقوله: أيسرك أن يستووا في برك؟. قال: نعم. قال: فسو بينهم. والبنت كالابن في استحقاق برها ، وكذلك في عطيتها. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية ، ولو كنت مؤثرا لأحد لآثرت النساء على الرجال. رواه سعيد في " سننه ". ولأنها عطية في الحياة ، فاستوى فيها الذكر والأنثى ، كالنفقة والكسوة.

ولنا أن الله تعالى قسم بينهم ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وأولى ما اقتدى [به] : قسمة الله ، ولأن العطية في الحياة أحد حالي العطية ، فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين ، كحالة الموت. يعني الميراث. يحقّقه أن العطية استعجال لما يكون بعد الموت ، فينبغي أن تكون على حسبه ، كما أن معجل الزكاة قبل وجوبها يؤديها على صفة أدائها بعد وجوبها ، وكذلك الكفارات المعجلة ، ولأن الذكر أحوج من الأنثى من قِبل أنهما إذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر ، والأنثى لها ذلك ، فكان أولى بالتفضيل ; لزيادة حاجته ، وقد قسم الله تعالى الميراث ، ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى فتعلل به ، ويتعدى ذلك إلى العطية في الحياة " انتهى من "المغني" (5/ 389). وينظر : "الشرح الكبير" (6/270) .

وعليه : فإنه يلزم والدك أن يعدل بين أبنائه جميعا في العطية ، فيساوي بين الذكور ، ويعطي لبناته نصف ما أعطى للذكور، وإلا وقع في الجور والظلم، ما لم يرضين بهذا التفضيل رضى حقيقيا لا حياء.

ثانيا:

الذي يظهر أن والدك لو أذن لك في البناء كان هذا تفضيلا لك على إخوتك، لأن هذا الحق يزيد على ما نالوه من التشطيب، إلا إن رضوا بذلك، فإن لم يرض أخوك الثاني، فعلى إخوانك أن يعوضوك كما قال والدك.

والأهم من ذلك هو تعويض البنات كما تقدم.

وحينئذ ، ينبغي أن تجمتعوا فيما بينكم ، لتتصالحوا في الأمر . أو تحكموا بينكم بعض أهل الخبرة .

فإن كان بإمكان الوالد أن يعطي الجميع ، عطاء متساويا ، بما فيهم البنات : فهذا هو المطلوب.

وإن لم يكن ذلك ممكنا ، كما هو ظاهر من السؤال ، فينظر في قيمة ما أخذه كل منكم من الشقق ، أو الذهب ، أو نحو ذلك ؛ ثم يعاد توزيع جميع الأعطيات ، بحسب قيمها ، على الأبناء جميعا ، للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ فمن كانت شقته  ، أو ما أخذه من والده ، أكثر مما يحق له من مجموع العطايا ، رد الزيادة التي عنده ، فتوزع على من لم يأخذوا حقهم ، ليحصل العدل بينكم في العطية ، على ما سبق بيانه .

ثالثا :

لا حرج في هبة والدك شقة لوالدتك، ولو لم تكن باعت من أملاكها شيئا، فإن هبة الزوج لزوجته صحيحة .

 رابعا:

ينبغي أن تحرصوا على دوام الألفة والمحبة، وبر الوالدين، وعدم ظلم البنات، ووقاية أبيك من ذلك، ولا يحملن أحدكم الحرص على الدنيا أن يقر أباه ويشاركه فيه، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب