السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت للمسلم وغير المسلم

266711

تاريخ النشر : 13-12-2017

المشاهدات : 225670

السؤال

لدي فرد من عائلتي وضع نفسه على لائحة المتبرعين بالأعضاء في بريطانيا ، وبالتالي عند موته يتم التبرع بأعضائه للآخرين ، ويشمل ذلك غير المسلمين ، فهل هذا جائز في الإسلام ؟ أرجو ذكر الدليل. هذا الموضوع هام جداً نحتاج لتوضيحه ؛ لأن هناك كثير من المسلمين يضعون أنفسهم على لائحة التبرع بالأعضاء في بريطانيا ، المسلمون الذين قاموا بذلك يحتجون بأنه طالما أنه يحق لهم الحصول على أعضاء من الآخرين ، فلماذا لا يجوز التبرع بها بعد الموت ؟ هم يعتقدون بأن هناك مكافأة للتبرع بأعضائهم ، ويستدلون بقوله سبحانه وتعالى من القرآن : ( وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) آية 32 سورة المائدة ، قرأت الأسئلة والأجوبة حول موضوع التبرع بالأعضاء بموقع الإسلام سؤال وجواب ، لكن لم أجد فيها إجابات حول سؤالي بالتحديد ، مثال : فتوى : (107690) حكم التبرع بالأعضاء ، (49711) : ما هو حكم التبرع بالأعضاء؟ ، (2117): حكم زرع الأعضاء ، (140779) : هل يجوز أن يتبرع المسلم بجسده للأبحاث الطبية بعد موته ؟

الجواب

الحمد لله.

يجوز التبرع بالأعضاء بعد الموت، بثلاثة شروط:

1-أن تكون الأعضاء مما لا تأثير لها على الأنساب والموروثات والشخصية العامة، كالخصية والمبيض وخلايا الجهاز العصبي، كما نص على ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي بهذا الخصوص، وينظر نصه كاملا في جواب السؤال رقم (107690).

2- أن يكون المتبرع كامل الأهلية أي بالغا عاقلا راشدا.

وفي الموسوعة الفقهية (42/ 122): (اشترط الفقهاء في الواهب أن يكون من أهل التبرع وذلك بأن يكون عاقلا بالغا رشيدا).

وفيها (34/ 234): (ويشترط في الموصي ما يأتي: أولا: أن يكون أهلا للتبرع).

 3- أن يكون المتبرَّع له معصوم الدم، أي مسلم أو كافر مسالم ، وأما الكافر الحربي فلا يجوز التبرع له لأنه مهدر الدم في الشريعة.

والدليل على جواز التبرع للكافر المسالم : أن التبرع من باب الصدقة والإحسان، وذلك جائز على الكافر غير المحارب، وقد روى البخاري (2620) ومسلم (1003) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ: (نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ).

ورواه البخاري أيضا (3183) بلفظ: " قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدَّتِهِمْ ، مَعَ أَبِيهَا ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا قَالَ: (نَعَمْ صِلِيهَا).

قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل من حُرِم صدقة الفرض من الأغنياء وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم = يجوز دفع صدقة التطوع إليهم , ولهم أخذها , قال الله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) . ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرا .

وعن أسماء بنت أبي بكر , رضي الله عنهما , قالت : قدمت على أمي وهي مشركة , فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي قدمت علي وهي راغبة , أفأصلها ؟ قال : نعم , صلي أمك .

وكسا عمر أخا له حلة كان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه إياها ..." . انتهى من "المغني" (2/276).

وينظر في جواز التبرع بالأعضاء الفتاوى التي أشار إليها السائل.

وفي رسالة الدكتوراه للباحث د. يوسف بن عبدالله الأحمد بعنوان : "أحكام نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي" ، تعرض الباحث لمسالة : شروط نقل الأعضاء . فقال:

"ما يجوز نقلـه من الأعضاء مما ذكر ، إنما يجوز وفق الشروط العامة التي لابد من اعتبارها في نقل أي عضو من الأعضاء".

وذكر من الشروط:

" 4. ألا يكون النقل بطريق تمتهن فيه كرامة الإنسان ؛ كالبيع ، وإنما تكون بطريق الإذن والتبرع .

5. أن يكون المنقول لـه معصوم الدم ، فهو الذي أوجب الشرع حفظ نفسه ، بخلاف مهدر الدم ؛ كالحربي " انتهى.

وعليه :

فإذا كان المسلم في بلد غير محارب للمسلمين : فلا حرج أن يتبرع بأعضائه بعد الوفاة ، بحيث ينتفع بها المسلمون وغيرهم .

وله على ذلك ثواب الإحسان إلى الناس ، سواء كان المتبرع له مسلما أو كافرا مسالما .

وإذا كان في بلد محارب، فليس له أن يتبرع بأعضائه إلا للمسلمين.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة