الحمد لله.
أولا:
يجوز لوالدك التعامل مع المقاول فيما ذكرت بشرطين:
الأول: أن يكون هذا خارج دوامه.
الثاني: ألا يكون لوالدك دور في تعامل الشركة مع المقاول، من الأساس ، أو في استمرار ذلك ، ولا يملك هو سلطة في هذا الأمر ، وليست له مسئولية في الإشراف عليه أو تقييمه، وإلا دخل هذا في هدايا العمال المحرمة كما سيأتي؛ لأن والدك سيجني نفعا لنفسه، مقابل أن تستمر الشركة في التعامل مع المقاول ، وقد يكون هناك من هو أفضل منه.
ثانيا:
يجوز لوالدك أن يشرف على عملية تفريغ الشاحنات، لكن إذا طلب أجرة للعمال، فليس له أن يأخذ منها شيئا؛ لأنه حينئذ وكيل عن المقاول، والوكيل مؤتمن، وليس له أن يأخذ شيئا من المال دون علم موكله.
فإن أراد أجرة فلا يستحي من ذلك، وليطلبها من المقاول .
وإذا كان لا يريد أن يفصح عن أجرة العمال فيمكنه أن يقول: إني أتولى هذه المهمة بكذا، فيكون هذا شاملا لأجرته وأجرة العمال، ثم له أن يتعاقد مع العامل بالأجرة التي يتفقان عليها.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة"(14/264) : " الوكيل أمين ، فلا يحل أن يأخذ شيئاً من الثمن إلا بإذن المُوكِّل ، فإذا سمح فلا بأس ، وإلا فيجب عليه أن يعيد له بقية المال ". انتهى.
فالواجب على والدك أن يرد ما أخذ للمقاول ، ولو بطريق غير مباشر، ما دام المقاول كان يكافئه عن جهده بالهدايا المالية التي يرسلها إليه .
أو أن يستسمحه ، فإن سمح له فلا شيء عليه .
ثم يتفق معه مستقبلا على أجرته.
ثالثا:
الهدايا المالية التي يقدمها المقاول لوالدك فيها تفصيل:
1-فإن كان لوالدك إشراف على عمل المقاول مع الشركة، أو تقييم له، أو له أَثرٌ في استمرار التعامل معه، فلا يجوز قبول شيء من الهدايا؛ لأنها من هدايا العمال المحرمة، وهي غلول، أي خيانة.
وفي تحريم هدايا العمال: روى البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابن اللُّتْبِيَّة عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: (مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي، فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا).
والرغاء: صوت البعير، والخُوار: صوت البقرة، واليُعار: صوت الشاة.
وروى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هدايا العمال غلول) . أي : خيانة.
والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 7021
2-وإن لم يكن لوالدك علاقة بعمل المقاول مع الشركة، لا إشراف، ولا تقييم، ولا دور في استمرار التعاقد معه، وكانت هذه الهدايا لأجل ما يقوم به من الإشراف على تفريغ الشحنات، فلا حرج فيها مستقبلا، بعد الاتفاق مع المقاول على الأجرة.
وأما الهدايا السابقة فالظاهر أن المقاول يعطيها لوادك تعويضا له عن عمله، ظانا أنه لا يأخذ من أجرة العمال، فإذا رد والدك المال السابق حلت له الهدايا، وإذا تحلل من المقاول وأخبره، وطابت نفسه بالجميع فالأمر إليه.
والله أعلم.
تعليق