الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل ورد حديث في مشروعية قول آمين عند دخول المسجد ؟

272194

تاريخ النشر : 01-12-2017

المشاهدات : 11652

السؤال

سمعت مرةً متحدثاً مسلماً ذكر شيئاً عن قول آمين عند دخول المسجد ؛ لأن الملائكة تدعو لك ، فيما يبدو أن الحديث رواه أبو هريرة ، فهل يمكن أن تخبرني إذا كان هذا الحديث صحيحاً ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الدعوات التي كان يقولها عند دخوله المسجد .

ومن أشهر هذه الدعوات وأصحها ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (713) أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ:( إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَإِذَا خَرَجَ ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ ) .

وكذلك ما أخرجه أبو داود في "سننه" (466) من حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه كانَ إذا دخلَ المَسجِدَ قال:( أعوذُ باللهِ العظيمِ ، وبوجهِهِ الكريم ، وسُلطانِه القديم ، من الشَّيطانِ الرَّجيم ) .

والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (485).

ثانيا :

وأما ما ذكره السائل فيما سمعه من متحدث أنه يستحب قول " آمين " عند دخول المسجد ،  فإن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم ، ولم نقف على أحد من أهل العلم قال به .

ولعل الحديث الذي اعتمد عليه المتكلم في ذلك هو ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (477) ، ومسلم في "صحيحه" (649) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( صَلاَةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ ، وَأَتَى المَسْجِدَ ، لاَ يُرِيدُ إِلَّا الصَّلاَةَ ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً ، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ ، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ ، كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ ، وَتُصَلِّي - يَعْنِي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ - مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ ) .

فغالب الظن أن هذا المتحدث اعتمد على هذا الحديث ، حيث أن الملائكة تدعو لهذا العبد الذي توضأ في بيته ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة ، ففهم منه استحباب التأمين على دعاء الملائكة في هذا الموطن .

وهذا خطأ ، بل هو أقرب إلى البدعة منه إلى السنة . فليس في الحديث أن صلاة الملائكة تكون عليه عند دخوله إلى المسجد ، بل الظاهر أن الملائكة إنما تقول ذلك حين جلوسه في مكان صلاته ، وليس عند دخوله إلى باب المسجد .

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أخبر أمته بذلك : لم يشرع لهم أن يقولوا شيئا ، في هذا المقام ، ولا أن يؤمنوا على دعاء الملائكة ؛ فدل ذلك أن هذا القول : بدعة .

قال الشاطبي في "الاعتصام" (2/282) :" أَن يَسْكُتَ الشَّارِعُ عَنِ الْحُكْمِ الْخَاصِّ ، أَو يَتْرُكَ أَمراً مَا مِنَ الأُمور ، ومُوجِبُهُ الْمُقْتَضِي لَهُ قَائِمٌ ، وَسَبَبُهُ فِي زَمَانِ الْوَحْيِ وَفِيمَا بَعْدَهُ مَوْجُودٌ ثَابِتٌ ، إِلا أَنه لَمْ يُحدَّدْ فِيهِ أَمرٌ زَائِدٌ على ما كان في ذلك الوقت =

فالسكوت في هذا الضرب : كالنص على أَن القصد الشرعي فيه : أَن لا يُزاد فيه عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْحُكْمِ الْعَامِّ فِي أَمثاله ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ .

لأَنه لَمَّا كَانَ المعنى المُوجِبُ لشرعيَّة الحكم العملي الْخَاصِّ مَوْجُودًا ، ثُمَّ لَمْ يُشْرَعْ ، وَلَا نَبَّهَ على استنباطه = كَانَ صَرِيحًا فِي أَن الزَّائِدَ عَلَى مَا ثَبَتَ هُنَالِكَ : بِدْعَةٌ زَائِدَةٌ، وَمُخَالِفَةٌ لِقَصْدِ الشَّارِعِ ؛ إِذ فُهِمَ مِنْ قَصْدِهِ الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حدَّ هُنَالِكَ ، لَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ ، وَلَا النُّقْصَانُ مِنْهُ ". انتهى

وختاما :

نوصي أنفسنا والسائل الكريم وجميع المسلمين : بالوقوف على ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دون زيادة أو نقصان ، فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب