الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم الدخول إلى البيوت التي تحتوي على الصور والتماثيل

279539

تاريخ النشر : 15-11-2017

المشاهدات : 11529

السؤال

يصادف أثناء الزيارات العائلية والمقابلات العامة أن يجلس الرجل في حجرة تحتوي على صور وتماثيل ، منها ما هو على شكل حيوانات ، ومنها ما يرمز لآلهة باطلة تعبد من دون الله ، فما حكم الجلوس في هذه الأماكن ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

سبق في الموقع بيان عدم جواز تعليق ووضع الصور والتماثيل في البيوت، كما في الفتوى رقم (252436) ورقم (7918).

ويتأكد التحريم، إذا كانت الصور والتماثيل لمعبودات تعبد من دون الله تعالى؛ لأن فيه تشبهًا بأهل الكفر، وقد يصل هذا التعليق إلى الكفر إذا كان المعلق لها يعتقد فيها البركة ، أو يعتقد أنها آلهة حقيقيةً ، أو يظهر من تعليقه تعظيم هذه الآلهة الباطلة .

ثانيا:

دخول الشخص إلى الأماكن ذات الصور والتماثيل، لا يعلم دليل من الشرع يصرح بحرمته لمجرد وجود الصور والتماثيل.

ولهذا نص عدد من أهل العلم على عدم تحريم الدخول إلى الأماكن التي فيها صور.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" فأما دخول منزل فيه صورة، فليس بمحرم، وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة للداعي، بإسقاط حرمته؛ لإيجاده المنكر في داره. ولا يجب على من رآه في منزل الداعي الخروج، في ظاهر كلام أحمد؛ فإنه قال، في رواية الفضل بن زياد، إذا رأى صورا على الستر، لم يكن رآها حين دخل؟ قال: هو أسهل من أن يكون على الجدار. قيل: فإن لم يره إلا عند وضع الخوان بين أيديهم، أيخرج؟ فقال: لا تضيق علينا، ولكن إذا رأى هذا وبخهم ونهاهم. يعني لا يخرج.

وهذا مذهب مالك؛ فإنه كان يكرهها تنزها، ولا يراها محرمة.

وقال أكثر أصحاب الشافعي: إذا كانت الصور على الستور، أو ما ليس بموطوء، لم يجز له الدخول؛ لأن الملائكة لا تدخله، ولأنه لو لم يكن محرما، لما جاز ترك الدعوة الواجبة من أجله.

ولنا ... ما في شروط عمر رضي الله عنه على أهل الذمة: أن يوسعوا أبواب كنائسهم وبيعهم، ليدخلها المسلمون للمبيت بها، والمارة بدوابهم ...

ولأن دخول الكنائس والبيع غير محرم، فكذلك المنازل التي فيها الصور .

وكون الملائكة لا تدخله : لا يوجب تحريم دخوله علينا، كما لو كان فيه كلب، ولا يحرم علينا صحبة رفقة فيها جرس، مع أن الملائكة لا تصحبهم .

وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة لفاعله، وزجرا له عن فعله، والله أعلم " انتهى. "المغني" (10 / 202 - 203).

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم (111832).

ثانيا:

لكن على هذا الداخل أن يستعمل من درجات الإنكار ما يستطيعه ، ويحقق المقصود ، من دون مفسدة أكبر.

عن أَبي سَعِيدٍ الخدري ، قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ُ: ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49) .

قال النووي رحمه الله تعالى :

" وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (فليغيره) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة .

وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين " انتهى . " شرح صحيح مسلم " (2 / 22) .

وقال ابن القطان رحمه الله تعالى :

" أجمع المسلمون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل من قدر عليهما " انتهى . "الإقناع في مسائل الإجماع" (2 / 306) .

فيجب الإنكار على صاحب البيت إن أمكنك ذلك ، حسب استطاعتك .

ومن صور الإنكار عدم الدخول إلى هذه الأماكن وهجر أصحابها، إذا كان هذا الهجر ينفع فيهم ويدفعهم إلى نزع هذه الصور والتماثيل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم ، وقلتهم وكثرتهم .

فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله. فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته : كان مشروعا.

وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف، بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر.

والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوما ويهجر آخرين ...

وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل " انتهى . "مجموع الفتاوى" (28 / 206).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب