الحمد لله.
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ) إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ... ) رواه البخاري (247) ومسلم (2710).
والحديث فيه ندب إلى النوم على طهارة.
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:
" الحديث: فيه ثلاث سنن:
إحداها: الوضوء للنوم مخافة أن يتوفاه الله على غير طهارة، وليكون أصدق لرؤياه وأبعد من تلعب الشيطان به فى منامه وترويعه، وليكون إن مات آخر عمله من الدنيا الطهارة وذكر الله " انتهى، من "اكمال المعلم" (8 / 207).
ثانيا:
إذا توضأ المسلم لنومه ، ثم انتقض هذا الوضوء قبل أن ينام، فإنه يندب له أن يعيده؛ لأن المقصد من الوضوء هو أن ينام الشخص على طهارة، كما بيّن ذلك حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرٍ طَاهِرًا، فَيَتَعَارُّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ) رواه أبو داود (5042) وابن ماجه (3881)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (7 / 850).
فمن انتقض وضوؤه : يندب له أن يعيد الوضوء ، ليتحقق له النوم على طهارة .
جاء في "حاشية الدسوقي" (1/490) ، فيما يبطل هذا الوضوء :
"(قَوْلُهُ : وَلَوْ بَعْدَ الِاضْطِجَاعِ ) . أَيْ : هَذَا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ النَّاقِضُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ ، بِاتِّفَاقٍ ؛ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ بَعْدَ الِاضْطِجَاعِ ، عَلَى الْأَرْجَحِ .
وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِهِ : مُطَالَبَتُهُ بِوُضُوءٍ آخَرَ بَدَلَهُ " . انتهى .
وجاء في "حاشية ابن قاسم" (1/295) :
"قال الشيخ: ويستحب الوضوء عند النوم لكل أحد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءَك للصلاة، ثم قل اللهم إني سلمت نفسي إليك، الحديث، وظاهر كلامهم إعادته إذا أحدث، لمبيته على الطهارة، وهو ظاهر كلام الشيخ " .
وقيل : إنه متى اضطجع على تلك الحال من الطهارة ، فإنه لا يطلب منه إعادة وضوئه ، لو استيقظ من الليل لبعض حاجته ، ويكون قد حصل السنة بوضوئه الأول .
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ( بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى حَاجَتَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ ... ) رواه البخاري (6316) ومسلم (763) ولفظه : ( ... فَقَامَ فَبَالَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، ثُمَّ نَامَ ... ).
قال أبو عبد الله الأبي المالكي رحمه الله تعالى في تعليقه على حديث البراء بن عازب:
" وهذا الوضوء : ينقضه الحدث الواقع قبل الاضطجاع ، لا الواقع بعده " انتهى. "اكمال اكمال المعلم" (7 / 134).
والله أعلم.
تعليق