الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

حكم فسخ العقد لمماطلة المشتري في أداء الثمن

280600

تاريخ النشر : 30-10-2017

المشاهدات : 37110

السؤال

بعت بيتي ، وكتبنا العقد ، ودفع مليونا من أصل 105000 ليرة سوري ، على أن يتمم البيع بعد خمسة أشهر ، ويدفع بقية المبلغ ، مضت الفترة وبقي يعدني ويماطل ، ولم ينفذ العقد، سمسار العقار أخذ 200000 ل.س من أصل المبلغ ، وبناء على العقد أخليت البيت ، واستأجرت بيتا بمبلغ 70000 ل. س. بقي من المبلغ 730000 ل. س ، وبقيت أحاول الاتصال به فترة سنة وسبعة أشهر أطالبه لأجل تسوية الأمر، وعرضت عليه 800000 ل.س أبى إلا المليون ، أرسلت له إنذاراً عن طريق المحكمة أطالبه لأتمام البيع أم يعتبر العقد لاغياً ، ولم يستجب ، بقيت بالانتظار، وتغيرت الأوضاع في سوريا ، وغادرت سوريا بعد ثلاث سنوات ونصف ، وفي الشهر الخامس من 2017 اتصلت به فإذا به يطلب عشرة أضعاف قيمة البيت الآن وهي حوالي 10000000 ل.س. أسئلتي: 1 ـ هل يترتب في ذمتي شيء ، وخاصة بعد أن بلغه إنذار المحكمة ببطلان العقد، ولم يستجب ؟ 2 ـ هل أرد له المبلغ مخصوما منه ما كان سببا فيه ؛ عمولة السمسار، وأجرة البيت المستأجر؟ 3 ـ ما هي القيمة المعتبرة في حساب المبلغ عليها بعد هبوط العملة السورية ، حيث كان المبلغ يشتري ذهبا بعد حسم المصاريف وهو 730000 ل.س 190.31 غ عيار 24 والآن يشتري 33.51 غ/ ع/24 ؟

الجواب

الحمد لله.

إذا تم البيع، انتقل ملك البيت إلى المشتري، وانتقل الثمن إلى البائع، وما بقي من الثمن يكون دينا على المشتري، ويحرم عليه أن يماطل في سداده.

ثانيا:

إذا تضمن العقد شرط "فسخ البيع" عند عدم سداد ما بقي من الثمن، فهو شرط صحيح، وللبائع أن يفسخ العقد بموجبه، ويسترد بيته، ويعيد المال الذي أخذه كاملا.

ومستند جواز هذا الشرط: أن الأصل في الشروط الجواز والصحة، وهذا الشرط لا يحل حراما ولا يحرم حلالا، فينطبق عليه حديث: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) وأبو داود (3594) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

وإذا لم يتضمن العقد هذا الشرط، وثبت مماطلة المشتري، فمن أهل العلم من يرى جواز الفسخ لدفع الضرر عن البائع، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

وفي "الموسوعة الفقهية" (32/136) : "وَيَرَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا كَانَ مُوسِرًا مُمَاطِلاً فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُخَاصَمَةِ، قَال فِي الإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا ظهر أنه مماطل فللبائع الفسخ؛ لأن بعض المماطلين أسوأ حالاً من الفقراء، فإن الفقير ربما يرزقه الله المال فيوفي، والمماطل إذا كان هذا من عادته فإنه يصعب جداً أن يوفي.

فالصواب أن للبائع الفسخ حفاظاً على ماله .

وفيه ـ أيضاً ـ مع كونه حفاظاً على مال البائع : ردع للمماطل؛ لأن المماطل إذا علم أنه إذا ماطل فُسِخَ البيع فسوف يتأدب ولا يماطل في المستقبل " انتهى "الشرح الممتع" (8 / 364).

ويتأكد هذا بحكم المحكمة بالفسخ، أو إنذارها للمشتري بالفسخ.

وما دامت العملة قائمة لم تلغ، فلا عبرة بانخفاض قيمتها، عند كثير من أهل العلم، لا سيما أن المماطلة لم تكن منك.

وقد رجحنا في جواب السؤال رقم (220839) القول بالمصالحة إذا انخفضت العملة أكثر من الثلث .

لكن لا يظهر لنا ذلك في مسألتك هذه لكون المماطلة من صاحبك، والضرر قد وقع عليك.

وعليه :

فيلزمك رد ما دفع المشتري وهو مليون ليرة .

لكن لو رأيت الإحسان وعملت بالمصالحة، وقدرت كم كان يساوي المليون من الذهب، وأعطيته قيمة هذا القدر من الذهب الآن، كان حسنا.

والذي يظهر هنا أيضا : أنك لا تخصم من مال صاحبك شيئا من أجرة السمسار ، أو أجرة منزلك ، ويكفيه ما خسره بسبب الانخفاض الكبير في قيمة العملة ، فلا يظهر لنا أن يجمع عليه بين الخسارتين ، وقد يكون السبب في تأخره في السداد ، وعدم إكماله للصفقة : ما جرى في بلادكم من اضطراب في الأحوال .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب