الحمد لله.
أولاً :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن البيع والشراء في المسجد وقال : إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا : لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ رواه الترمذي (1321) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " ( 1295 ) .
واختلف العلماء رحمهم الله : هل هذا النهي للتحريم أم الكراهة ، وإذا تم عقد البيع داخل المسجد ، هل يحكم بصحته أم لا ؟
والذي عليه جمهور العلماء : أن العقد صحيح مع الكراهة .
وذهب الحنابلة ـ في المشهور من المذهب ـ إلى أن عقد البيع في المسجد محرم وباطل ؛ لورود النهي عن البيع في المسجد ، والنهي يقتضي الفساد .
وينظر جواب السؤال : (214127) .
ثانيا :
الإجارة حكمها حكم البيع في النهي عنها في المسجد ، قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله : "والإجارة فيه كالبيع والشراء" انتهى من "الإنصاف" (7/638) .
والكراهة – على مذهب الجمهور – تزول لأجل الحاجة المذكورة ونحوها، لا سيما إن كانت هذه الحاجة متعلقة بالعبادة التي تفعل في هذا المكان.
وقد ذكر النووي في "المجموع" (6/561) كلاما طويلا للشافعية في حكم البيع في المسجد ، ونقل عن ابن الصباغ قوله :
"فإن كان محتاجا إلى شراء قوته، وما لا بد له منه: لم يكره" ...
ثم قال :
"هذا كلام الأصحاب ، وحاصله : أن الصحيح كراهة البيع والشراء في المسجد، إلا أن يحتاج إليه لضرورة ونحوها" انتهى.
والذي يظهر أيضا: أنه حتى على مذهب الحنابلة بتحريم البيع في المسجد ، كما هو ظاهر الحديث في النهي عن ذلك ؛ فإن حاجة الناس الماسة إلى استئجار العربات للسعي والطواف، وضرورة كثير من المرضى والمسنين إليها، ومشقة الخروج من المسجد لاستئجار العربات من خارجه = الذي يظهر أن ذلك كله مما يقوي الرخصة في استئجار هذه العربات، حتى ولو كان داخل المسجد؛ فإن المستأجر إنما اضطر إلى ذلك لإقامة عبادته الخاصة بهذا المكان، لا لأجل الربح والتكسب، ولا لإقامة مصلحة لا تعلق لها بالعبادة الخاصة بالمكان.
مع أنه متى أمكن تحصيل هذه المصلحة بأن يتم الاستئجار خارج حدود المسجد، من غير ضرر ، ولا مشقة زائدة: فلا شك أنه هو الذي ينبغي ، أو يتعين.
وينظر جواب السؤال : (36905).
وقد سئل الشيخ سليمان الماجد: عن استئجار العربات داخل صحن المطاف ، أليس هذا في حكم البيع؟
فأجاب : اختلف العلماء في حكم البيع والشراء داخل المسجد على قولين :
الأول : الكراهة التنزيهية ، وهو قول الأئمة الأربعة ، عدا الرواية الثانية عن أحمد .
والثاني : التحريم وهو قول لأحمد وغيره ، وهو أقرب القولين ؛ لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا : لا رد الله عليك) رواه الترمذي وغيره ، وهو حديث جيد.
ولكن لما كان ذلك لمصلحة العبادة ، ولما يلحق الناسك من الحرج في الخروج بأهل العربات خارجه: فلا أرى بأسا باستئجار هذه العربات داخل المسجد الحرام .
وقد نص جمع من العلماء على جواز شراء الماء للوضوء، والثياب لستر العورة، بعد النداء الثاني للجمعة ، وفيه التفات إلى المعنى المذكور . والله أعلم"
http://www.salmajed.com/fatwa/findnum.php?arno=10562
وقال الشيخ عبد المحسن الزامل:
"الأصل أنه لا يجوز، الاستئجار كالبيع في المسجد، لكن يجوز الوفاء بمعنى أنك توفيه حقه ، توفيه المال الذي استأجرت به هذه العربة لا بأس ، أو إنسان يطلبك مالا في بيعة بينكما، أو نحو ذلك في الدين، فأوفيت له في المسجد فلا بأس...
عند الضرورة يمكن يقال له أحكام, فهي مراتب، منها أن يكون: إنسان محتاج أن يركب، لكن ليس هناك ضرورة، يمكن أن يمشي, فإذا أراد أن يستأجر، فعليك أن تخرج أنت وإياه خارج المسجد, ثم تعقدان البيع بينكما، ثم لا بأس أن تُوفي له داخل المسجد هذا لا بأس به.
لكن إن لم يمكن ذلك، وكانت حال ضرورة، مثل إنسان عاجز لا يمكن أن يخرج خارج المسجد, أو خروجه فيه ضرر، لشدة ازدحام، وهو لا يستطيع أن يمشي، فنقول: إن البيع لا شك أنه أمر محرم, والمقصود هو صيانة المسجد عن البيع والشراء, وأن المساجد لم تُبن لهذا؛ ومثل هذه العلة تزول عند وجود الضرر" انتهى من موقع الشيخ على الانترنت .
http://bit.ly/342fJV3
ثالثا :
أما بالنسبة للنساء فإن التعامل معهن بيعًا وإجارةً وخدمةً مباح ولكن بضوابط :
- أمن الفتنة.
- عدم الخضوع بالقول، وأن يكون الكلام معروفا لا ميل فيه.
- اجتناب اللمس فإنه محرم باتفاق الفقهاء.
فإذا التزمت هذه الأمور، فلا مانع من التعامل معهن، كبيرات كنّ أم شابات.
والله أعلم .
تعليق