الحمد لله.
سبق بيان أن الراجح وجوب مسح كل الرأس في الوضوء، وذلك في الجواب رقم (70530)، وسبق بيان أن البياض خلف الأذن من الرأس يمسح معه وذلك في الجواب رقم (149806).
وترجيح القول بوجوب مسح كل الرأس : المقصود منه عدم جواز الاكتفاء بمسح بعض الرأس، وليس المقصود وجوب تتبع أجزاء الرأس بعدة مسحات، لكل بقعة مسحة منفصلة، بل يتحقق مسح الرأس كله بمسحة واحدة على الصفة التي مسح بها النبي صلى الله عليه وسلم رأسه.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنه - في صفة وضوء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ... ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ: بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى المَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ... " رواه البخاري (185) ومسلم (235).
ورواه ابن خزيمة (157) بسنده عن إِسْحَاق بْن عِيسَى قَالَ: " سَأَلْتُ مَالِكًا، عَنِ الرَّجُلِ مَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ فِي الْوُضُوءِ ، أَيُجْزِيهِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: " مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فِي وَضُوئِهِ مِنْ نَاصِيَتِهِ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّ يَدَيْهِ إِلَى نَاصِيَتِهِ ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ ".
وقد شرح أهل العلم هذه الصفة من المسح التي تشمل الرأس كله في مسحة واحدة، كما ذكر ذلك الزركشي رحمه الله تعالى؛ حيث قال:
" صفة المسح أن يضع أحد طرفي سبابتيه على طرف الأخرى ويضعهما على مقدم رأسه، ويضع الإبهامين على الصدغين، ثم يمرهما إلى قفاه، ثم يردهما إلى مقدمه، نص عليه أحمد، وهو المشهور، والمختار " انتهى. "شرح مختصر الخرقي" (1 / 193).
فإذا فعلت هذا ، فقد أدّيت فرض مسح الرأس كله ، ولا يجب عليك أكثر من هذا .
ويتحقق مسح البياض خلف الأذنين بمرور إبهاميك عليهما أثناء مسح الرأس .
ويتحقق مسح النزعتين بمرور الكفين عليهما، وهذا كله يحصل في مسحة واحدة، وليس في مسحات متفرقة.
وإذا فات شيء من يديك أثناء المسح ، فلا بأس بذلك إن شاء الله ، ما دام قد وقع المقصود ، وهو "تعميم الرأس" بالمسح .
والله أعلم.
تعليق