الحمد لله.
الحمد اللهأولا:
إذا اشترى صاحبك لك شيئا بماله، كان هذا المال قرضا، والواجب سداده بمثله، إلا أنه يجوز عند السداد –لا قبله- إبداله بعملة أخرى، بشرط ألا تتفرقا وبينكما شيء؛ لما روى أحمد (6239) ، وأبو داود (3354) ، والنسائي (4582) ، والترمذي (1242) ، وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: " كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا ، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ " والحديث صححه بعض العلماء كالنووي ، وأحمد شاكر ، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/ 173).
وهذا يعتبر صرفا على ما في الذمة، ولهذا يشترط قبض العملة البديلة في المجلس.
ويجوز أن يتم الصرف على جزء من الدين، ويبقى باقيه كما هو.
فلو كان عليك ألف درهم مثلا، جاز أن تعطي جنيهات تقابل خمسمائة درهم، وتبقى في ذمتك خمسمائة.
ولهذا فقد أخطأتما بالتفرق وفي ذمتك شيء مما تمت عليه المصارفة.
وسبيل التصحيح الآن: أن تجعلا ما دفع من الجنيهات يقابل قدرا معينا من الدراهم- بحسب سعر ذلك اليوم الذي حصل فيه سداد المبلغ المذكور -، وتكون الدراهم الباقية دينا في ذمتك، والأولى أن تسددها بعد ذلك دراهم، ويجوز أن تسدد بعملة أخرى تتفقان عليها عند السداد.
جاء في "قرار مجمع الفقه الإسلامي" رقم: 75 (6/ 8) بشأن قضايا العملة، ما يلي:
" ثانياً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد.
وكذلك يجوز في الدين ، على أقساط ، بعملة معينة : الاتفاق يوم سداد أي قسط، على أدائه كاملاً ، بعملة مغايرة ، بسعر صرفها في ذلك اليوم.
ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء ، مما تمت عليه المصارفة في الذمة" انتهى من "مجلة المجمع" (ع 3، ج 3 ص 1650).
ثانيا:
يجب في سداد العملة بعملة أخرى أن يتم ذلك بسعر يوم السداد، أو بأقل منه، ولا يجوز أن يكون بأكثر، حتى لا يربح الدائن فيما لم يضمن.
وإذا كان للصرف أكثر من سعر لبيع العملة، بحسب اختلاف البنوك ، ومحال الصرافة ، فمن حق صاحب الدين أن يكون الحساب على أعلى سعر موجود بالبنوك ؛ لأن هذا هو السعر الذي سيبيع به الدراهم لو أخذ حقه دراهم .
ولكن يجب ألا تتجاوزا أعلى سعر للصرف في السوق .
وأما سعر شرائها من البنوك- وهو أعلى من سعر بيعها- فهذا غير معتبر؛ لأن التقدير أنه لو أخذ دراهم : كم ستساوي من جنيهات لو أراد تحويلها ؟ وهذا هو سعر البيع.
يقول ابن القيم رحمه الله ، في التنبيه على أن علة منع الزيادة عن سعر اليوم ، ألا يربح الدائن في شيء لم يدخل ضمانه :
" فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما جوز الاعتياض عن الثمن بسعر يومه ، لئلا يربح فيما لم يضمن، وقد نص أحمد على هذا الأصل في بدل العوض ، وغيره من الديون : أنه إنما يعتاض عنه بسعر يومه ، لئلا يربح فيما لم يضمن" انتهى من "حاشيته على سنن أبي داود" (9/ 259).
وقال في (9/ 297): " وأما نهيه عن ربح ما لم يضمن، فهو كما ثبت عنه في حديث عبد الله بن عمر ، حيث قال له : إني أبيع الإبل بالبقيع بالدراهم ، وآخذ الدنانير ، وأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم ؛ فقال : لا بأس إذا أخذتها بسعر يومها ، وتفرقتما وليس بينكما شيء .
فجوز ذلك بشرطين:
أحدهما : أن يأخذ بسعر يوم الصرف لئلا يربح فيها ، وليستقر ضمانه.
والثاني : أن لا يتفرقا إلا عن تقابض ، لأنه شرط في صحة الصرف ، لئلا يدخله ربا النسيئة" انتهى.
وفي جواز الإنقاص من سعر اليوم، وتحريم الزيادة، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الواجب أن يرد عليك ما أقرضته دولارات ، لأن هذا هو القرض الذي حصل منك له.
ولكن مع ذلك : إذا اصطلحتما أن يسلم إليك جنيهات مصرية ، فلا حرج، قال ابن عمر رضي الله عنهما كنا نبيع الإبل بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، ونبيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء ) .
فهذا بيع نقد من غير جنسه ، فهو أشبه ما يكون ببيع الذهب بالفضة .
فإذا اتفقت أنت وإياه على أن يعطيك عوضاً عن هذه الدولارات من الجنيهات المصرية ، بشرط ألا تأخذ منه جنيهات أكثر مما يساوي وقت اتفاقية التبديل ، فإن هذا لا بأس به .
فمثلاً إذا كانت 2000 دولار تساوي الآن 2800 جنيه ، لا يجوز أن تأخذ منه ثلاثة آلاف جنيه ولكن يجوز أن تأخذ 2800 جنيه، ويجوز أن تأخذ منه 2000 دولار فقط ، يعنى أنك تأخذ بسعر اليوم أو بأنزل .
أي لا تأخذ أكثر ، لأنك إذا أخذت أكثر فقد ربحت فيما لم يدخل في ضمانك، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ربح ما لم يضمن .
وأما إذا أخذت بأقل فإن هذا يكون أخذاً ببعض حقك، وإبراء عن الباقي، وهذا لا بأس به " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/414).
والله أعلم.
تعليق