الحمد لله.
هذه المسألة لها صورتان:
الأولى:
أن يكون القرض من زوجتك لك ، فتكون قد اقترضت من خالها لنفسها ، ثم أقرضتك هذا المال ، فإذا قالت: إنها ستسدد نصف الدين لخالها، فهذا إبراء لك من نصف الدين.
والإبراء ممن يصح تبرعه وهو البالغ الرشيد: صحيح، ولا يملك الرجوع فيه.
قال في"مطالب أولي النهى" (4/ 392): " (ومن) (أبرأ) مدينه (من دينه) صح (أو وهبه لمدينه) صح (أو أحلّه منه) صح (أو أسقطه عنه) صح؛ لأنه أتى بحقيقة اللفظ الموضوع له (أو تركه) له صح (أو ملّكه له) صح لأنه بمنزلة هبته إياه (أو تصدق به عليه) صح لورود الإبراء في القرآن بلفظ الصدقة. لقوله تعالى: ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا [النساء: 92] ...
(أو عفا عنه صح) ذلك جميعه، وبرئت ذمته؛ لقوله تعالى: إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح [البقرة: 237] يعني به الإبراء من الصداق، وكذا لو قال: أعطيتكه ونحوه، ويكون ذلك إبراء وإسقاطا، ولفظ الهبة والصدقة والعطية ينصرف إلى معنى الإبراء؛ لأنه لا عين موجودة يتناولها اللفظ...
ويصح الإبراء من الدين بالألفاظ السابقة (ولو) كان ذلك (قبل حلوله) أي: الدين (أو رَدَّ) المدين الإبراء، لأنه لا يفتقر إلى القبول كالعتق والطلاق، بخلاف هبة العين لأنه تمليك" انتهى.
فالإبراء يخالف الهبة في أنه لا يشترط فيه القبول من المبرَأ .
كما أنه لا يجوز الرجوع فيه حتى عند من أجاز الرجوع في الهبة.
جاء في "الموسوعة" أيضا (1/ 144) : " والذي يوافق الإبراء من الهبة : هو هبة الدين للمدين ، فهي والإبراء بمعنى واحد عند الجمهور الذين لا يجيزون الرجوع في الهبة بعد القبض .
أما عند الحنفية القائلين بجواز الرجوع في الجملة ، فالإبراء مختلف عن هبة الدين للمدين ، للاتفاق على عدم جواز الرجوع في الإبراء بعد قبوله ، لأنه إسقاط ، والساقط لا يعود كما تنص على ذلك القاعدة المشهورة " انتهى.
وعدم اشتراط القبول في الإبراء هو مذهب الجمهور خلافا للمالكية. وينظر "الموسوعة" (1/ 151).
والحاصل : أن القرض إذا كان من زوجتك لك ، فليس لها الرجوع فيما أبرأتك منه.
الصورة الثانية:
أن تكون قد اقترضت لك من خالها ، فيكون الدين في ذمتك أنت ، وهي مجرد وسيط في القرض ، أو ضامن لك ، بجاهها عند خالها .
وهذا هو الغالب في مثل هذه المعاملات ، وهو الظاهر من سؤالك ، وتعاملك معها ، وطلبك منها أن تقوم هي بسداد نصف الدين ، يعني : أن تسده بدلا منك ؛ فلو كان العقد بينكما ( أو صورة العلاقة المالية في هذه المعاملة ) : على أنها هي التي أقرضتك من (مالها) ، سواء مالها الشخصي ، أو الذي اقترضته من خالها : لكنت طلبت منها أن تسقط عنك نصف الدين ، أو تسامحك فيه ، أو نحو ذلك .
وعليه : فيكون قولها لك إنها ستسدد نصف المبلغ : مجرد وعد.
والجمهور على أن الوفاء بالوعد مستحب لا يجب .
وحتى على القول بأن الوفاء بالوعد واجب ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (264311) فليس لك أن تلزمها بهذا القول ، فلها أن تأخذ بقول الجمهور ، ولا تفي بوعدها لك ؛ خاصة إذا كانت وعدتك بذلك لأجل استقامة العشرة بينكما ، أو دوام الألفة ، أو نحو ذلك من مقاصد الزوجية التي فاتت بطلاقها منك ؛ ويلزمك سداد الدين كله.
والله أعلم.
تعليق