الحمد لله.
الحديث الذي أورده السائل الكريم: حديث صحيح ثابت ، لا إشكال فيه ، بحمد الله .
وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (478) ، من حديث عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ ، وَمَا بَيْنَهُمَا ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ .
وقد رُوي الحديث عن عبد الله بن أبي أوفى ، كما عند مسلم في "صحيحه" (476) ، ومن حديث أبي سعيد الخدري ، كما عند مسلم في "صحيحه" (477) ، وغيرهما .
قال الإمام النووي رحمه الله: " أما قوله: (أهلَ) فمنصوب على النداء ، هذا هو المشهور ، وجوز بعضهم رفعه ، على تقدير : أنت أهل الثناء . والمختار النصب . والثناء: الوصف الجميل، والمدح. والمجد : العظمة ونهاية الشرف " انتهى، من "شرح مسلم" (4/198).
وَقَوله: " وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد " قَالَ أَبُو عبيد: لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ طَاعَتك وَالْعَمَل بِمَا يقربهُ مِنْك." انتهى، من "كشف المشكل" لابن الجوزي (2/453).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقوله: (أحق ما قال العبد) : خبر مبتدأ محذوف؛ أي هذا الكلام أحق ما قال العبد.
فتبين أن حمد الله والثناء عليه وتمجيده : أحق ما قاله العبد ، وفي ضمنه توحيده، لأنه قال: ولك الحمد، أي لك لا لغيرك.
وقال في آخره: لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، وهذا يقتضي انفراده بالعطاء والمنع فلا يستعان إلا به ، ولا يطلب إلا منه.
ثم قال: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ؛ فبين أن الإنسان ، وإن أُعطي الملك والغنى والرئاسة ؛ فهذا لا ينجيه منك؛ إنما ينجيه الإيمان والتقوى ، وهذا تحقيق قوله: إياك نعبد وإياك نستعين ، وكان هذا الذكر آخر القيام ، مناسبا للذكر أول القيام.
وقوله: (أحق ما قال العبد) : يقتضي أن يكون حمد الله أحق الأقوال بأن يقوله العبد؛ وما كان أحق الأقوال ، كان أفضلها وأوجبها على الإنسان.
ولهذا افترض الله على عباده في كل صلاة أن يفتتحوها بقولهم: الحمد لله رب العالمين ، وأمرهم أيضا أن يفتتحوا كل خطبة " بالحمد لله " ؛ فأمرهم أن يكون الحمد لله مقدما على كل كلام ، سواء كان خطابا للخالق أو خطابا للمخلوق." انتهى، من "جامع الرسائل" (2/65-66).
وقال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (1/180) أثناء شرحه لهذا الحديث :
" الحديث دليل على مشروعية هذا الذكر في هذا الركن لكل مصل ". انتهى
فتبين مما سبق أن الذكر الوارد في السؤال صحيح ثابت ، يقوله كل مصل بعد الرفع من الركوع.
والله أعلم .
تعليق