الحمد لله.
أولا:
طلاق السنة: أن يطلق الرجل زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها؛ لما روى مسلم (1471) عنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ امْرَأَتِهِ الَّتِي طَلَّقَ، فَقَالَ: طَلَّقْتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا لِطُهْرِهَا .
وفي رواية: ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ .
قال ابن قدامة رحمه الله : " مسألة : قال : ( وطلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماعٍ واحدةً ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ).
معنى طلاق السنة : الطلاق الذي وافق أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ...
وهو الطلاق في طهر لم يصبها فيه ، ثم يتركها حتى تنقضي عدتها .
ولا خلاف في أنه إذا طلقها في طهر لم يصبها فيه ، ثم تركها حتى تنقضي عدتها ، أنه مصيب للسنة ، مطلق للعدة التي أمر الله بها . قاله ابن عبد البر وابن المنذر...
قال أحمد : طلاق السنة واحدة ، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض .
وكذلك قال مالك والأوزاعي والشافعي وأبو عبيد " انتهى من "المغني" (7/278) .
وعليه:
فإن كنت لم تجامع أهلك في هذا الطهر، وأردت أن تطلقها، فطلقها الآن.
وإن كنت جامعتها، فيلزمك أن تنتظر حتى تحيض ثم تطهر، ثم إن شئت طلقت قبل أن تمس، وإن شئت لم تطلق.
ولا يؤثر في ذلك كون زوجتك يتأخر حيضها، فإنك تنتظر هذه المدة؛ لأن الطلاق البدعي
محرم.
ثانيا:
الذي يظهر أن للمرأة أن تأخذ دواء لحصول الحيض، ليتمكن زوجها من طلاقها طلاق السنة.
قال في "كشاف القناع" (1/ 218): " (ويجوز) لأنثى (شرب دواء) مباح (لحصول الحيض، لا قرب رمضان لتفطره) " انتهى.
وأما ترك جماع الزوجة أربعة أشهر، فلا نعلم له أصلا.
وقد ذكر الفقهاء أن الحكمة من منع الطلاق في الطهر الذي جومعت فيه هو أنه يؤدي إلى تطويل العدة وإدخال الضرر على المرأة، وهذا حاصل في هذه الصورة.
ثالثا:
إن كان الطلاق أو الخلع بطلب الزوجة، فمن الفقهاء من رخص فيه ولو في الحيض، وهو مذهب الشافعية والحنابلة؛ لأن تطويل العدة وحصول الضرر جاء بطلبها.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا بأس بالخلع في الحيض، والطهر الذي أصابها فيه ; لأن المنع من الطلاق في الحيض: من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة ، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة ، والمقام مع من تكرهه وتبغضه , وذلك أعظم من ضرر طول العدة ، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما ، ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها ،, ولأن ضرر تطويل العدة عليها ، والخلع يحصل بسؤالها ، فيكون ذلك رضاء منها به ، ودليلا على رجحان مصلحتها فيه" انتهى من المغني (7/ 324).
وقال في "شرح منتهى الإرادات" (3/ 83): " (ويباح خلع، وطلاق بسؤالها) أي: الزوجة ذلك على عوض (زمن بدعة) ؛ لأن المنع منه لحق المرأة ، فإذا رضيت بإسقاط حقها زال المنع" انتهى.
وكذا لو كان الطلاق على غير عوض.
قال في "مطالب أولي النهى " (1/ 242): " (ويتجه: ولو) كان سؤالها الزوج الخلع أو الطلاق (بلا عوض، خلافا لهما) - أي: للإقناع " " والمنتهى " - حيث قيدا سؤالها بالعوض، وهو ضعيف.
قال في " شرح الإقناع ": قلت: ولعل اعتبار العوض: لأنها قد تظهر خلاف ما تبطن، فبذل العوض يدل على إرادة الحقيقة، (كما يأتي) في كتاب الطلاق مفصلا.
(والعلة) التي ذكرها الأصحاب: أن حرمة الطلاق في الحيض لحقها، فأبيح الطلاق بسؤالها مطلقا، بعوض وبدونه ، على الصحيح من المذهب، وعليه الجمهور، لأنها أدخلت الضرر على نفسها بسؤالها ذلك (تقتضيه) ، أي: تقتضي جواز الخلع والطلاق بسؤالها ذلك بعوض وبدونه، وهو متجه" انتهى.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (19/ 244).
والحاصل:
أن أمامك الانتظار، حتى يأتيها الحيض.
أو تأخذ الزوجة دواء يعجل بنزول الحيض.
أو: إذا كان الطلاق، أو الخلع بطلبها؛ فلا إثم عليك.
والله أعلم.
تعليق