السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

إذا صعق الحيوان قبل ذبحه ففيه تفصيل وعلاج الوسوسة في النجاسة

340570

تاريخ النشر : 29-11-2020

المشاهدات : 4371

السؤال

أنا أعيش مع والديّ المسلمين في ألمانيا، ويأكلان لحمًا حرامًا من محلات السوبر ماركت، لكن أيضًا يأكلون اللحوم التي تحمل علامة "حلال"، في ألمانيا يُحظر ذبح الحيوانات دون أن يصعقها أولاً، لذلك حتى معظم شركات اللحوم "الحلال" تصعق حيواناتهم، ويزعم البعض منهم أنهم يرمون تلك الحيوانات التي تموت بسبب الصّعق، مثل الدجاج في حمامات الصدمة الكهربائية، ويستخدمون فقط تلك التي لا تزال على قيد الحياة، لكن أريد أن أعرف ما إذا كان يمكننا الوثوق بهم في هذا؟ كما قرأت ذات مرة أنّ إتلاف دماغ الأبقار بسبب الصعق يجعلها "ميتة دماغية"، لذا فهي حيوانات ميتة، لكنني لست متأكدة مما إذا كان هذا صحيحًا، وإذا كانت هذه الحيوانات المصعوقة حلالا بالفعل، فماذا عن تناول الطعام في منازل الأصدقاء المسلمين، هل يمكننا أن نفترض أن لحومها حلال أم إننا يجب أن نسأل أولاً ؟ وإلى أي مدى يجب عليّ توخّي الحذر لمنع انتقال النجاسة عند تناول الطعام في المنزل؟ هل يجب أن أنظّف كل ما ألمسه، بما في ذلك مقابض الأبواب، وما إلى ذلك، وأن أفحص كل ما أتناوله؛ لأن عائلتي ربما لمسته أثناء تناول / تحضير اللحم؟ أم لا يجب عليّ فعل ذلك إلا عندما أكون متأكدة بنسبة 100٪ من أنّهم قد لمسوه، وأنّ النجاسة قد تمّ نقلها برؤيتها بأمّ عيني؟ هل يجب أن أشاهدهم أو أسألهم إذا غسلوا أيديهم قبل لمس شيء ما، أو إذا كان هناك شيء نجس؟ هل يجب أن أغسل بشرتي بعد أن يلمسوني؟ هل يمكنني استخدام نفس الفرن والميكروويف؟ هل يمكنني استخدام نفس الزبدة وما إلى ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

صعق الحيوان –غير الدجاج- قبل ذبحه، لا يحرّم الذبيحة إذا كان الصعق لا يؤدي إلى موتها.

جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " ما يلي :

أ. الأصل في التذكية الشرعية أن تكون بدون تدويخ للحيوان ؛ لأن طريقة الذبح الإسلامية بشروطها وآدابها هي الأمثل ، رحمة بالحيوان ، وإحسانا لذبحته ، وتقليلا من معاناته .

ويُطلب من الجهات القائمة بالذبح أن تطور وسائل ذبحها بالنسبة للحيوانات الكبيرة الحجم ، بحيث تحقق الأصل في الذبح على الوجه الأكمل .

ب. مع مراعاة ما هو مبين في البند ( أ ) من هذه الفقرة ، فإن الحيوانات التي تذكى بعد التدويخ، ذكاة شرعية: يحل أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يُتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها، وقد حددها الخبراء في الوقت الحالي بما يلي :

- أن يتم تطبيق القطبين الكهربائيين على الصدغين أو في الاتجاه الجبهي – القذالي (القفوي).

- أن يتراوح الفولط ما بين ( 100 – 400 فولط).

- أن تتراوح شدة التيار ما بين (75و0إلى 1.0 أمبير ) بالنسبة للغنم، وما بين ( 2 إلى 2.5 أمبير ) بالنسبة للبقر .

-أن يجري تطبيق التيار الكهربائي في مدة تتراوح ما بين ( 3 إلى 6 ثوان) .

ج. لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة، أو بالبلطة، أو بالمطرقة، ولا بالنفخ على الطريقة الإنجليزية .

د. لا يجوز تدويخ الدواجن بالصدمة الكهربائية؛ لما ثبت بالتجربة من إفضاء ذلك إلى موت نسبة غير قليلة منها قبل التذكية .

هـ. لا يحرم ما ذكي من الحيوانات بعد تدويخه باستعمال مزيج ثاني أكسيد الكربون مع الهواء أو الأكسجين ، أو باستعمال المسدس ذي الرأس الكروي بصورة لا تؤدي إلى موته قبل تذكيته .

" قرار رقم : 101 / 3 / الدورة العاشرة .

وعليه؛ فإذا كانت شركات اللحوم الحلال تراعي ذلك، وتقول إنها تتخلص مما مات بالصعق، فلا حرج في تناول ما تذبحه، وتغليب جانب حسن الظن.

ولا حرج في تناول اللحم في بيوت أصدقائك المسلمين، دون سؤال عن مصدر اللحم، تغليبا للسلامة وحسن الظن.

ثانيا:

إذا ثبت أن والديك يأكلان لحما محرما، فالواجب نصحهما وبيان حرمة ذلك، وضرره الصحي أيضا.

قال تعالى:  حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ   المائدة/3 .

وما مات بالصعق فهو ميتة وموقوذة.

ثالثا:

الميتة نجسة، لكن ليس في ديننا غلو ولا حرج، فالأصل طهارة الأبواب ومقابضها، ولا يحكم بنجاستها مع الشك، ويبعد أن يمسك الإنسان-الآن- مقبض الباب مع اتساخ يده باللحم، وإن أمكن حصول هذا، فلا يحكم بالنجاسة إلا مع اليقين، أي رؤية من يمسك المقبض على هذه الحال أو إخباره بذلك.

قال ابن القيم رحمه الله :

" والضابط فيه – أي في الشك العارض- أنه إن كان للمشكوك فيه حال قبل الشك: استصحبها المكلَّفُ ، وبنى عليها ، حتى يتيقن الانتقال عنها ، هذا ضابط مسائله .

فمن ذلك : إذا شك في الماء هل أصابته نجاسة أم لا ؟ بني على يقين الطهارة .

ولو تيقن نجاسته ثم شك هل زالت أم لا ؟ بنى على يقين النجاسة " انتهى من " بدائع الفوائد " (3/1278) .

ومما يفيدك في هذه المسألة: أن تعلمي أن النجاسة لا تنتقل إلى شيء، إلا مع بلل، أو رطوبة أحدهما، فلو كانت اليد متنجسة لكنها جافة، ومست شيئا جافا، لم يتنجس الشيء بذلك.

قال السيوطي رحمه الله: "النجس إذا لاقي شيئاً طاهراً، وهما جافان: لا ينجسه" انتهى من "الأشباه والنظائر"، ص 432.

وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله: " لا يضر لمس النجاسة اليابسة بالبدن والثوب اليابس . . . لأن النجاسة إنما تتعدى مع رطوبتها" انتهى من "فتاوى إسلامية" (1/194) .

وهكذا أدوات المطبخ وغيرها، لا تتنجس إلا مع حصول اليقين بأنها لامست ما هو متنجس مع رطوبة أحدهما.

ولا يلزمك سؤال والديك هل غسلوا أيدهما أم لا، فإن الأصل الطهارة، وهذا السؤال يدخل عليك الحرج ويوقعك في الوسوسة، بل ينبغي أن تتعاملي على مبدأ: أن جميع ما في البيت طاهر، ما لم تتأكدي 100% أنه تنجس بملامسة شيء نجس حال كون أحدهما رطبا.

واحذري الوسوسة فإنها داء خطير، وخير علاج لها: هو الاستعاذة، وكثرة الذكر، مع الإعراض عنها، ومخالفة ما تدعو إليه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب