الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم المشاركة في تربية البقر مقابل الاشتراك في الربح بعد بيعها

340852

تاريخ النشر : 22-03-2022

المشاهدات : 4794

السؤال

هناك نظام محليّ في قريتنا؛ هو استئجار الأبقار، في هذا النظام يشتري شخص ما بقرة من السوق، ويعطيها لشخص آخر للرعاية، بعد بضعة أشهر أو سنة عندما يوافق هذا الفريق على بيع هذه البقرة فإنهم يذهبون لتسويقها وبيعها، بعد بيعها تذهب أموال شراء الأبقار إلى حساب مالك الأبقار، وينقسم النَّفع إلى جزئين، واحد للمالك، وآخر لمن يرعى هذه البقرة، الاتّفاق المبدئي هو أنّه سيتمّ توفير تغذية الأبقار من قِبَل الأشخاص الذين يقومون برعايتها، وسوف يقوم المالك بتوفير جميع النفقات المتعلّقة بالدواء والعلاج، في فترة الرعاية إذا ماتت تلك البقرة لن يقدّم أحد أيّ نوع من التعويض، من ناحية أخرى ، إذا كان مال البيع لا يساوي ثمن الشراء أو تلف البقرة ، سيقع الضّرر على مالك البقرة، ويعطي تعويضًا معقولًا للشخص الذي يرعى هذه البقرة، أريد أن أعرف هل هذا النظام أو الاتفاقية جائز في الإسلام؟ أريد أن أبدأ مشروعًا تجاريًا أو أقوم ببناء منزل، لهذا أحتاج إلى بعض المال، لكن هذا ليس في متناول اليد، كنت أحاول أن أجمع من أقاربي وأصدقائي لكنّي فشلت، لذا أريد أن آخذ هذه الأموال من المصرف المحليّ الذي يقوم على الشريعة الإسلامية، فهل هذا جائز في الإسلام؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

المشاركة في تربية الماشية له صورتان:

1-أن يدفع بقرة ونحوها لمن يقوم بتربيتها ورعايتها مدة معلومة مقابل جزء منها، كأن يكون له الربع مثلا، فإذا بيعت أخذ ربع الثمن، وهذا ما أجازه الحنابلة خلافا للجمهور. فتصبح البقرة ملكا بينهما، على ما اتفقا، وكذا النماء كاللبن ونحوه؛ لأنه تابع للأصل.

2-أن يدفع بقرة ونحوها لمن يقوم بتربيتها مقابل جزء من نمائها، كاللبن والسمن، مع بقاء ملك البقرة لصاحبها، وهذا منعه الحنابلة والجمهور، وأجازه أحمد في رواية، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية .

قال في "منار السبيل" (1/ 407): " (ويصح دفع دابة أو نحل أو نحوهما لمن يقوم بهما مدة معلومة، بجزء منهما) معلومٍ. قال البخاري في صحيحه، وقال معمر: لا بأس أن تكون الماشية على الثلث أو الربع إلى أجل مسمى.

(والنماء ملك لهما) أي: للدافع والمدفوع إليه على حسب ملكيهما، لأنه نماؤه.

(لا إن كان بجزء من النماء، كالدر والنسل والصوف والعسل)؛ فلا يصح، لحصول نمائه بغير عمل. (وللعامل أجرة مثله) لأنه بذل منافعه بعوض لم يسلم له.

وعنه: يصح. اختاره الشيخ تقي الدين" انتهى.

وقال في "الفروع" (4/ 395) : " وعنه [أي عن الإمام أحمد] : وله دفع دابته أو نحله لمن يقوم به، بجزء من نمائه , اختاره شيخنا , والمذهب لا ؛ لحصول نمائه بغير عمله , وبجزء منه يجوز مدة معلومة , ونماؤه ملك لهما " انتهى .

والحنابلة أجازوا ذلك قياسا على المزارعة والمضاربة، والجمهور منعوه لجهالة أجرة العامل.

وما ذكرت من أن البقرة تباع، ويأخذ صاحبها ثمن ما اشتراها به، ثم يقسم الزائد بينه وبين العامل، لا حرج فيه ، وهذا هو الشأن في المضاربة، أن يعود الأصل لربه، وتقتسم الزيادة ، وهذه الصورة من الاستثمار في البهائم : هي نوع من المضاربة ، أو شبيهة بها .

فتحصل من هذا أن هناك ثلاث طرق جائزة في هذه الشركة:

1 - أن يتفقا على أن له ربع أو نصف البقرة التي ينميها. وهذا جائز عند الحنابلة.

2 - أن يتفقا على أن العامل له نصف النتاج فقط، ويبقى الأصل لصاحبه. وهذه جائزة في رواية عن أحمد، واختارها شيخ الإسلام.

3 - أن يشتركا في النماء المتصل والمنفصل، فيشتركان فيما زاد على ثمن الحيوان، ويشتركان في نتاجه، وهذه جائزة عند شيخ الإسلام.

وينظر: جواب السؤال رقم: (169553)، ورقم:(286368). 

ثانيا:

لا حرج أن تكون مصاريف الدواء والعلاج على صاحب البقر، ومصاريف الغذاء والتربية على العامل، أو حسبما يتفقان، قياسا على القول الراجح في المزارعة.

ثالثا:

إذا مات الحيوان بلا تعد أو تفريط من العامل، فلا شيء عليه، ويخسر صاحب المال ماله،  ويخسر العامل جهده وعمله وما دفعه لعلفه.

وأما إن مات بتعدٍ منه أو تفريط، كما لو ضربه ضربا شديدا فمات، فإنه يضمن قيمته يوم التلف.

رابعا:

إذا كان ثمن البيع أقل من ثمن الشراء؛ فلا إشكال في الصورة الأولى؛ لأنه عند البيع يقتسمان الثمن، قليلا كان أو كثيرا.

ومقتضى الصورة الثالثة أنه لا شيء للعامل، ولا يلزم رب البقر بتعويضه.

ولو اصطلحا على تقسيم الخسارة بينهما: فهو أحسن.

خامسا:

أخذ المال من المصرف، يتوقف الحكم عليه على معرفة صورة المعاملة.

ومن الصور:

1-شراء سلعة بالتقسيط من البنك، ثم تقوم ببيعها أنت بنفسك في السوق بثمن حال، فتحصل على النقد. وهذا لا حرج فيه إذا كان البنك لا يبيع لك السلعة إلا بعد تملكها وقبضها، وخلا العقد من اشتراط غرامة على التأخر في سداد الأقساط.

2-التورق المنظم في المعادن، بحيث يبيع لك البنك المعدن بالتقسيط، ثم يتوكل عنك في بيعه لك بثمن حال، وهذا التورق محرم.

وقد منع مجمع الفقه الإسلامي التورق المنظم، وينظر جواب السؤال رقم: (98124). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب