الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

وجود ديون بين شركات الحوالة هل يمنع المعاوضة بينها للنهي عن سلف وبيع؟

341735

تاريخ النشر : 16-06-2022

المشاهدات : 1712

السؤال

نحن نعمل في شركة حوالات، وسؤالي عن مشروعية العلاقة بيننا وبين شركات التحويل، فنحن نتعامل مع شركات عالمية، مثل ويسترن يونيون لنرسل ونستقبل الحوالات عن طريقها، ولنا نسبة من الأجور على الحوالة الصادرة، ونسبة مغايرة على الحوالة الواردة، والحساب بيننا وبين الشركة جاري، وفي الغالب نكون نحن الدائنون، وأحيانا مدينون، وفي كلا الحالتين نتقاضى أجورا من الشركة، وذلك في آخر الشهر، حيث تعطينا الشركة نسبتنا من الأجور بنسبة معينة للحوالات الصادرة وأخرى للحوالات الواردة، ويتم تسديد الرصيد بيننا وبين الشركة كل يوم، حيث تسدد الشركة رصيد اليوم السابق إذا كان الرصيد لصالحنا، أو نقوم نحن بالتسديد إذا كان الرصيد لصالحها، مع بقاء مبلغ تأمين لديها، أي أن القرض غير مقصود، وإنما يقتضيه العمل هذا بالنسبة للويسترن، باقي الشركات الحساب جاري عندما يرتفع كثيرا يقوم أحد الطرفين بتخفيضه، ودائما ما يكون أجر أي حوالة معلومة ومتفق عليها، أي ليس هناك جهالة في الثمن، وقرأت في الفتوى رقم:(316818): أنه لا يحل سلف وبيع، وبالتالي لا يحل سلف وإيجارة، وقرأت في الفتوى:(257731)،أنه يجب أن يضع من يريد أن يرسل الحوالات مبلغا عند المرسل إليه فإذا كان الطرفان يريدان أن يرسلا الحوالات ويستقبلانها فيتعذر أن يكونا مدينان لكي يأخذ كل منهما أجرا، وبالتالي دائما ما يوجد طرف دائن لا يجوز له أن يأخذ أجورا، وضبط هذه المسألة صعب جدا. فهل عندما نأخذ نسبة من الشركة مع كوننا دائنون لها، هل هذا لا يجوز؟ لأنه لا يمكن ضبط هذا الموضوع، ولا تكاد تسلم شركة حوالات من هذا الأمر، فما حكم العمل في هذه الشركة، وتنظيم حساباتها على هذا الوجه؟

الحمد لله.

أولا:

أخذ مقابل على الحوالة المصرفية

لا حرج في أخذ مقابل على الحوالة المصرفية، ويكيف هذا العقد بتكييفات أظهرها أنه وكالة بأجرة.

وينظر: "فقه المعاملات المصرفية"، د. يوسف الشبيلي، ص44

 ثانيا:

تحويل الأموال بين الشركات 

لا حرج أن يكون بين شركات تحويل الأموال أرصدة دائنة ومدينة، مع أخذ نسبة من أجور الحوالات، وليس هذا من الجمع بين "سلف وبيع" المنهي عنه. وذلك لأمور :

الأول: أن المتبقي بعد الصرف أمانة، وليس قرضا، ولا يكون قرضا إلا إذا اتفقا على أنه قرض، والممنوع هو الجمع بين السلف –أي القرض- والمعاوضة.

قال البغوي في "شرح السنة" (8/ 144) : " وأما نهيه عن بيع وسلف: هو أن يقول أبيعك هذا الثوب بعشرة دراهم، على أن تقرضني عشرة دراهم، والمراد بالسلف القرض"انتهى.

وأما الأمانة فلا تمنع البيع أو غيره من عقود المعاوضة.

قال في "كشاف القناع" (3/ 269): " (ولو صارفه خمسة دراهم بنصف دينار، فأعطاه دينارا) ليأخذ منه نصفه (صح) الصرف لوجود القبض، ولو تأخر التمييز حتى تفرقا. (ويكون نصفه له، والباقي) من الدينار (أمانة في يده)؛ أي: يد قابض الدينار...

(ويتفرقان)؛ أي لهما أن يتفرقا، قبل تمييز النصف .

(ثم إن صارفه) ، أي: صارف قابضُ الدينار صاحبَه (بعد ذلك، بالباقي له منه)؛ أي: من الدينار: جاز . (أو اشترى به) أي بالباقي من الدينار (منه شيئا) : جاز " انتهى.

الثاني: أن الممنوع هو الجمع بين السلف والبيع على جهة الاشتراط، كأن يقول: لا أسلفك حتى تؤجرني، أما إن اجتمعا من غير شرط؛ فالجمهور على الجواز، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، وينظر: العمولات المصرفية، د. عبد الكريم السماعيل، ص121

قال "الخرشي المالكي"(5/ 81): "قوله وسلف أي: بشرط، وأما بيع وسلف من غير شرط: فلا يمتنع على المعتمد" انتهى.

وقال الماوردي الشافعي: " وإنما المراد بالنهي: بيعٌ، شُرِطَ فيه قرضٌ . وصورته: أن يقول قد بعتك عبدي هذا بمائة على أن تقرضني مائة، وهذا بيع باطل، وقرض باطل" انتهى من "الحاوي" (5/ 351).

الثالث: أن وجود دين سابق على شخص أو مؤسسة، لا يمنع البيع له أو إجراء عقد معاوضة معه؛ لعدم وجود الجمع بين السلف والبيع، لا باشتراط، ولا بغيره.

فكون شركتك لها دين على شركة أخرى، لا يمنع التبايع أو غيره من عقود المعاوضة معها.

والحاصل:

أن الممنوع هو اشتراط السلف في الإجارة، كأن تقول الشركة العالمية: لا أعطيك نسبة من أجور الحوالات إلا إذا أودعت في حسابي مبلغ كذا، فهذا اشتراط السلف في الإجارة وهو محرم.

وننبه على أنه إذا كانت الأجرة للمقترض، فلا حرج في الجمع بين الإجارة والسلف، ولو مع الشرط؛ لأنه المنفعة المشترطة في القرض إنما تُمنع إذا كانت للمقرض.

وينظر: "العمولات المصرفية"، ص127.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب