الحمد لله.
أولا:
إذا تشارك اثنان، وربحا، فإن الربح إما أن يضاف إلى رأس المال ويدخل في التجارة، أو أن يسلم لكل منهما نصيبه، أو يبقى أمانة عند من بيده المال، سواء حسبا الربح وقسماه أم لا.
وعلى كل حال؛ فليس للشريك أن ينتفع بمال شريكه، أو يقترضه، أو يدخله في شيء من تجاراته ومنافعه، إلا بإذن منه؛ لحرمة مال الغير.
قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).
وقال صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل"(1459).
فهذا الاستعمال لمال غيرك، ممنوع شرعا، ويترتب عليه الإثم والضمان لو تلف أو نقص.
ثانيا:
من اتَّجر بمال غيره دون إذنه فربح، فلمن يكون الربح؟
في ذلك خلاف بين الفقهاء.
فمنهم من قال: إن الربح يكون للمعتدي في مقابل ضمانه للمال، وهو مذهب المالكية والشافعية.
ومنهم من قال: إن الربح لصاحب المال، وهذا مذهب الحنابلة.
ومنهم من قال: يتصدق به، لأنه جاء بسبب خبيث، وهو قول أبي حنيفة ومحمد.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الربح يكون بينهما، فيأخذ المعتدي سهم المثل، فيعامل كما لو أنه أخذ المال مضاربة، فيكون له نصف الربح أو ثلثه أو ربعه، بحسب ما تعارف عليه الناس.
وينظر: "البحر الرائق" (8/ 129)، "مجمع الضمانات" ص 130، "الخرشي على خليل" (6/ 143)، "نهاية المحتاج" (5/ 184)، "مطالب أولي النهى" (4/ 62)، "المغني" (5/ 159)، "الموسوعة الفقهية الكويتية" (22/ 84)، "مجموع فتاوى ابن تيمية" (30/322).
سئل الشيخ الدكتور خالد المشيقح حفظه الله : " سرق شخص سيارة آخر، وقام بالعمل عليها، وكسب منها مبلغاً معيناً، فتم القبض عليه، فلمن يكون هذا المبلغ، للسارق أم لصاحب السيارة؟. -وجزاكم الله خيراً-.
فأجاب : هذا المبلغ موضع خلاف بين أهل العلم، والرأي المختار ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه إذا غصب دراهم، واتجر بها: فإن له سهم المثل، بمعنى: أنه ينظر إلى هذا الشخص الذي عمل بهذه الدراهم، فليأخذ عند أهل العرف والتجارة والخبرة بمثل هذه الأمور، فإن قالوا: يأخذ نصف الكسب فيعطى النصف، وإن قالوا: يأخذ الربع فيعطى الربع، والباقي يكون للمالك.
فمثل هذا الذي عمل على هذه السيارة له سهم المثل، فيعطى قيمة عمله، فإذا كان مثله يأخذ النصف أو يأخذ الربع، والباقي يرده على مالكه، وورد ذلك عن عمر - رضي الله تعالى عنه- في قصة ابنه لما أخذ مالاً من بيت المال، فاستشار عمر - رضي الله تعالى عنه- في ذلك، فأشير عليه أن يجعله قِراضا، يعني: مضاربة رواه مالك في "الموطأ" (1396). والله أعلم " انتهى من فتاوى "موقع الإسلام اليوم".
وعلى القول الأخير، فإنك تقسم الربح الذي نتج عن الاتجار بماله بينكما، بالنسبة المتعارف عليها بين الناس فيمن ضارب بمال غيره، مع التوبة وطلب المسامحة منه.
والله أعلم.
تعليق