الحمد لله.
الكنز أو دفن الجاهلية يسمى الركاز ، وشرطه ألا يكون عليه علامة للمسلمين .
وإذا وجده الإنسان في أرضه، أو في أرض ليست مملوكة لأحد، فهو له اتفاقا، ويخرج خمسه زكاة.
وإذا وجده في أرض غيره، أو أرض مشتركة بينه وبينه غيره، فقد اختلف الفقهاء لمن يكون، على قولين:
القول الأول: أنه يكون لصاحب الأرض، وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية، وأحمد في رواية.
القول الثاني: أن الركاز لواجده، حتى لو استؤجر إنسان لحفر بئر، أو بناء بيت، فوجد ركازا فهو له، إلا أن يُستأجر لاستخراج الركاز فيكون لمن استأجره، وهذا مذهب الحنابلة، وقول أبي ثور وأبي يوسف.
وفي "الموسوعة الفقهية" (23/ 107): " ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية: إلى أن الركاز الموجود في دار أو أرض مملوكة يكون لصاحب الدار.
وفي رواية أخرى عن أحمد أنه لواجده . ونقل عن أحمد ما يدل أنه لواجده؛ لأنه قال في مسألة من استأجر أجيرا ليحفر له في داره، فأصاب في الدار كنزا : فهو للأجير . نقل ذلك عنه محمد بن يحيى الكحال. قال القاضي : هو الصحيح، وهذا يدل على أن الركاز لواجده، وهو قول أبي ثور، واستحسنه أبو يوسف، وذلك لأن الكنز لا يملك بملك الدار، فيكون لمن وجده .
لكن إن ادعاه المالك فالقول قوله، وإن لم يدعه فهو لواجده " انتهى.
والشافعية يرون أنه لصاحب الأرض إن ادعاه، فإن نفى أو سكت، فإنه يكون لمن باعه الأرض، فإن لم يدعه، فيرجع إلى من قبله، حتى ينتهي الأمر إلى من أحيا الأرض.
وينظر: "المجموع" (6/ 102)، "مغني المحتاج" (2/ 104)، "المغني" (3/ 49).
وبناء على هذا الخلاف: فعلى مذهب الجمهور يكون الكنز لجميع الورثة، على قدر نصيبهم من الأرض.
وعلى مذهب الحنابلة، الكنز للابن الأصغر وحده لأنه من وجده.
والأحوط هو الأخذ بقول الجمهور، وفيه صلة للرحم، ومنع للقطيعة والحسد.
ولا يلحقك إثم لو أبى والدك تقسيم الكنز.
ويلزم إخراج الخمس من هذا الكنز زكاة لله تعالى؛ لما روى البخاري (2355)، ومسلم (1710) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ .
وهذا الخمس: يصرف في مصرف الفيء، فيعطى للفقراء والمساكين، أو في المصالح العامة للمسلمين، كالمدارس والمستشفيات ونحوها.
والله أعلم.
تعليق