الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل يأثم إذا دخل الناس من صفحته إلى صفحات متابعيه على وسائل التواصل فرأوا أو سمعوا منكرا؟

350008

تاريخ النشر : 28-01-2024

المشاهدات : 1314

السؤال

أريد أن أقوم بعمل أو افتتاح حساب عام على الإنستقرام؛ لنشر وتسويق لرسوماتي، علما بأن رسوماتي خالية تماما من ذوات الأرواح، لكن ما أريد سؤالكم عنه هو: أنه عندما أقوم بافتتاح حساب عام على الانستقرام، سوف يستطيع أي شخص أن يقوم بمتابعة حسابي، وكما يمكنه من رؤيه الأشخاص الذين يتابعون حسابي، ولنفرض مثالا: قمت بفتح الحساب، وتابعني ناس كثير، منهم الشباب والبنات، وأغلبهم أنا لا أعرفهم، ومنهم من ينزل في حسابه أغاني وصور للنساء، وغيره، ولكن لا يستطيع أحد أن يرى ما في حساباتهم عن طريقي، إلا إذا دخل قائمة الأشخاص الذين يتابعونني، ثم يظهر له جميع من يتابع حسابي، ثم يقوم باختيار أي حساب يريد، فيفتحه، ويدخل عليه، وقد يجد بداخله أغاني، أو صور نساء، أو اناشيد بالإيقاع، فيسمعها، فهل إذا سمع الأغاني أو رأى صور النساء يقع ذنبه علي أنا؛ لأنه وصل إلى ذلك الحساب عن طريقي، من خلال دخوله إلى قائمة الناس التي تتابعني؟ علما بأني لا أستطيع أن أقوم بإخفاء قائمة الناس التي تتابعني، إلا في حالة واحدة، وهي أن أقوم بجعل حسابي ـ الذي سوف أنشر به رسوماتي، والتي أريد بيعها، والترويج لها عن طريقه ـ حسابا خاصا، أي لا يتمكن أحد من رؤية قائمه الناس التي تتابعني، إلا إذا قبلت له أن يتابعني، ولكني إذا جعلت حسابي خاصا لن ينتشر، ويتعرف عليه الناس، وبالتالي لا أستطيع أن أبيع رسوماتي. ارجو منكم الإجابة على سؤالي، فقد حيرني، وأخاف من أحمل ذنوب غيري إلى قبري.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يضرك لو دخل إنسان إلى صفحتك، ونظر فيمن يتابعك، ثم دخل صفحته، فقاده ذلك إلى محرم، نظرا أو استماعا؛ فإن تبعة ذلك عليه، وهو من قد جنى على نفسه، ولا يكلف الإنسان أن يجعل المتابعة مقصورة على أناس يعرفهم، فإن هذا مناف للغرض الأقوى من وسائل التواصل، وهو إيصال المادة لأكبر عدد ممكن، سواء كانت مادة دينية علمية أو دعوية، أو مادة تجارية، ولا يعتبر فتح الباب للمتابعة إعانة على المعصية لمن انتقل من صفحتك، وذهب يقلب في صفحات المتابعين، فعصى ربه.

قال تعالى: (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) القيامة/14-15.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (8/ 277): "أَيْ: هُوَ شَهِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ، عَالِمٌ بِمَا فَعَلَهُ وَلَوِ اعْتَذَرَ وَأَنْكَرَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الْإِسْرَاءِ: 14] .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ يَقُولُ: سمعُه وبصرُه وَيَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وجوارحُه.

وَقَالَ قَتَادَةُ: شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ" انتهى.

وقال تعالى: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الإسراء/15.

ولو روعي ما ذكرت، ما أبيح لأحد أن يفتح باب المتابعة للآخرين، وفي هذا تضييق لا نعلم قائلا به.

ثانيا:

لا حرج في رسم ما لا روح فيه، والتكسب من ذلك، لجواز التكسب من كل ما هو مباح، وقد روى البخاري (2225) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لاَ أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا)!!

فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ.

فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب