الحمد لله.
أولا:
حكم بيع الدولة لإراض مع اشتراط عدم بيعها
يجوز للدولة أن تبيع أرضًا لأحد مواطنيها، مع حظر البيع والهبة إلى أن يبنيها. وهذا من باب تقييد الدولة للمباح للمصلحة، حتى لا يأخذ الناس أراضٍ لا يحتاجونها وتبقى معطلة، والأصل الالتزام بقرار الدولة الموضوع للمصلحة العامة.
قال في "تحفة المحتاج" (3/ 71): "الذي يظهر: أن ما أُمر به، مما ليس فيه مصلحة عامة: لا يجب امتثاله، إلا ظاهرا فقط. بخلاف ما فيه ذلك؛ يجب باطنا أيضا." انتهى.
أو هو من باب بيع وشرط، فتبيع الدولة الأرض بشرط أن تبنى خلال مدة معينة وإلا سحبت من مشتريها، والبيع وشرط لا حرج فيه ما لم يخالف مقصود الشرع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وروى البيهقي (14826) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ" وصححه الألباني في " الإرواء" (6/ 303).
وقال البخاري في صحيحه: "بَابُ إِذَا اشْتَرَطَ البَائِعُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ إِلَى مَكَانٍ مُسَمًّى جَازَ".
وقال: "بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الِاشْتِرَاطِ.... قَالَ شُرَيْحٌ: مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيُّوبُ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا، وَقَالَ [أي: المشتري]: إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ، فَلَمْ يَجِئْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِي: أَنْتَ أَخْلَفْتَ، فَقَضَى عَلَيْهِ.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بخصوص الشرط الجزائي: "يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح." انتهى.
ثانيا:
حكم بيع أرض اشترط على المشتري عدم بيعها قبل بنائها
بيعك الأرض قبل بنائها، فيه مخالفة للدولة، لكن البيع صحيح. وعليه؛ فتصرف ابن أختك في الأرض بعد ذلك تصرف صحيح، وما ربحه من بيع الأرض فهو له؛ لأنه باع ما يملك. ولا يضر كونه باع الأرض وهي باسمك، فالمعوّل عليه أنها لم تعد ملكا لك، وصارت ملكا له، يتصرف فيه كيف شاء.
والله أعلم.
تعليق