الحمد لله.
يحرم الاشتراك في التأمين التجاري ، سواء كان على الحياة أو على العجز أو غير ذلك؛ لاشتمال التأمين على الربا والميسر، فهو مال بمال مع التفاضل والتأجيل والغرر.
يدفع مبلغا فيأخذ سبعة أضعافه أو عشرة أضعافه، بلا وجه استحقاق شرعي، فلم يدخل مع الشركة في عقد مضاربة أو شركة ، أو غير ذلك مما يترتب عليه الربح المشروع، وإنما يدفع مالا، تأخذه الشركة وتتصرف فيه لصالح نفسها، وهي ملتزمة بدفع مبلغ التأمين عند تحقق شرطه، من موت أو عجز، أو بلوغ سن محدد.
والتأمين المذكور مشتمل على تأمين على الحياة، وهو ما يصرف في حال الموت، ومشتمل على تأمين على العجر وبلوغ سن المعاش.
وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي وكثير من الهيئات الشرعية قرارات بتحريم هذا التأمين.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن التأمين:
" أولاً: أن عقد التأمين التجاري ذي القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد. ولذا فهو حرام شرعاً.
ثانياً: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني " انتهى من "مجلة المجمع" - ع 2، ج 1/ 545.
ولمعرفة الفرق بين التأمين التعاوني والتجاري ينظر: جواب السؤال رقم:(205100)، ورقم:(36955).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/246): " التأمين التجاري حرام؛ لما يأتي:
1 - عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية، المشتملة على الغرر الفاحش؛ لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطى أو يأخذ، فقد يدفع قسطا أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلا فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئا، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطى ويأخذ بالنسبة لكل عقد. بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عن بيع الغرر.
2 - عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطا من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت في الجهالة كان قمارا، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ والآية بعدها.
3 - عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنَّسَأ، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة العقد، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثلما دفعه لها ، يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
4 - عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم؛ لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي -صلى الله عليه وسلم- رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله -صلى الله عليه وسلم-: لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل وليس التأمين من ذلك، ولا شبيها به، فكان محرما.
5 - عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم؛ لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ.
6 - في عقد التأمين التجاري إلزام بما لا يلزم شرعا، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن ، على ضمان الخطر على تقدير وقوعه، مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمن لم يبذل عملا للمستأمن ؛ فكان حراما.
نرجو أن يكون فيما ذكرناه نفع للسائل وكفاية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
فالحذر الحذر من الدخول في هذه الظلمات، وليعلم العبد أن ما عند الله خير وأبقى، وأن الحرام ممحوق البركة، وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
والله أعلم.
تعليق