الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم الأكل من بيوت الأقارب بلا إذن وإذا قدمت لها خالتها شيئا وزوجها لا يرضى فهل تأخذه؟

382088

تاريخ النشر : 15-09-2022

المشاهدات : 13652

السؤال

أريد السؤال عن حدود تناول الطعام والشراب عند أقاربي بيت جدي، خالتي وهكذا، هل يحق لي تناول ما أريد دون استئذان أم يجب علي ذلك؟ ثم إذا قدمت لي خالتي شيئا لتناوله وزوجها لا يريد ذلك، هل يصير حراما علي؟

ملخص الجواب

- أباح الله تعالى الأكل من بيوت الأقارب، كالآباء والأمهات والأجداد، والإخوة والأعمام والعمات والأخوال والخالات بلا إذن؛ لجريان العادة والعرف بالمسامحة في ذلك، إلا إذا كان الإنسان منهم شحيحا لا تطيب نفسه بذلك، فيحرم الأكل من طعامه إلا بإذنه. -إذا قدمت خالتك لك طعاما أو شيئا، وعلمت أن زوجها لا يرضى بذلك، فإن كان ذلك من مالها فلا حرج عليك في أخذه. وإن كان من ماله، فلا تأخذيه؛ لأنك قد علمت أن صاحبه لا يرضى ببذله، فإما أنه سكت مجبرا أو حياء، ولا يحل ماله في الحالين

الحمد لله.

أولا:

حرمة مال المسلم إلا بطيب نفس منه 

الأصل تحريم الانتفاع بمال الغير إلا بطيب نفس منه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7662).

وروى أبو داود (5003) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا وَلَا جَادًّا، وَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا وحسنه الألباني في" صحيح أبي داود".

وروى أحمد (27803) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ عَصَا أَخِيهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (5/280).

قال الصنعاني في "سبل السلام" (3/ 61): " والأحاديث دالة على تحريم مال المسلم إلا بطيبة من نفسه، وإن قلّ، والإجماع واقع على ذلك" انتهى.

ثانيا:

الأكل من بيت القريب البخيل ولا تطيب نفسه بذلك 

أباح الله تعالى الأكل من بيوت الأقارب، كالآباء والأمهات والأجداد، والإخوة والأعمام والعمات والأخوال والخالات بلا إذن؛ لجريان العادة والعرف بالمسامحة في ذلك، إلا إذا كان الإنسان منهم شحيحا لا تطيب نفسه بذلك، فيحرم الأكل من طعامه إلا بإذنه.

قال الله تعالى:  لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ النور/61.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (12/315): "قوله تعالى: (أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ) قال بعض العلماء: هذا إذا أذنوا له في ذلك.

وقال آخرون: أذنوا له، أو لم يأذنوا، فله أن يأكل؛ لأن القرابة التي بينهم هي إذن منهم، وذلك لأن في تلك القرابة عطفا تسمح النفوس منهم بذلك العطف أن يأكل هذا من شيئهم ، ويُسروا بذلك إذا علموا.

قال ابن العربي: أباح لنا الأكل من جهة النسب، من غير استئذان، إذا كان الطعام مبذولا.

فإذا كان محرزا دونهم [أي مغلقا عليه]، لم يكن لهم أخذه.

ولا يجوز أن يجاوزوا إلى الادخار، ولا إلى ما ليس بمأكول، وإن غير محرز عنهم إلا بإذن منهم" انتهى.

وقال السعدي في تفسيره ص575: " وهذا الحرج المنفي عن الأكل من هذه البيوت ، كل ذلك إذا كان بدون إذن، والحكمة فيه معلومة من السياق، فإن هؤلاء المسمَّين قد جرت العادة والعرف بالمسامحة في الأكل منها، لأجل القرابة القريبة، أو التصرف التام، أو الصداقة.

فلو قدر في أحد من هؤلاء عدم المسامحة والشح في الأكل المذكور، لم يجز الأكل، ولم يرتفع الحرج، نظرا للحكمة والمعنى" انتهى.

ثالثا:

حكم الأكل من بيت الخالة وزوجها لا يرضى بذلك

إذا قدمت خالتك لك طعاما أو شيئا، وعلمت أن زوجها لا يرضى بذلك، فإن كان ذلك من مالها فلا حرج عليك في أخذه. وإن كان من ماله، فلا تأخذيه؛ لأنك قد علمت أن صاحبه لا يرضى ببذله، فإما أنه سكت مجبرا أو حياء، ولا يحل ماله في الحالين؛ للنصوص المتقدمة.

قال في "تحفة المحتاج" (6/317): " وحيث دلت قرينة أن ما يعطاه إنما هو للحياء، حرم الأخذ ولم يملكه. قال الغزالي إجماعا" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب