الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

عقيدة الإمام الهروي وبراءته من القول بوحدة الوجود

398467

تاريخ النشر : 05-02-2022

المشاهدات : 13934

السؤال

بخصوص إمام خراسان شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله الأنصاري الهراوي الصوفي. أرجو توضيح منهجه، وهل كان على منهج السّلف في عقيدته، أم إنّه كان متصوفّا متشدّدا يؤمن بوحدة الوجود؟

الحمد لله.

أولاً: 

سبق الكلام عن شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي وذكر ترجمته في جواب السؤال رقم: (359684). 

ثانياً : 

براءة الإمام الهروي من القول بوحدة الوجود

كان الهروي رحمه الله على عقيدة السلف، بريئا من القول بوحدة الوجود وأقوال المتصوفة الغالية، وكان هؤلاء يكذبون عليه وينتحلونه، وهو بريء منهم.

وله جمل انتقدت عليه في كتابه "منازل السائرين" ، وظن من ظن أنها قول بالوحدة، والحق في هذا أن أبا إسماعيل الهروي كان يقول بوحدة الشهود، لا بوحدة الوجود.

 والفرق بينهما : أن وحدة الشهود تعلق القلب بالله ، حتى لا يشهد سواه، مع الاعتقاد أن في الخارج عبدا وربا، وأنه لا امتزاج بينهما ولا اختلاط، ولا اشتباه ولا حلول ولا اتحاد.

ووحدة الوجود : ادعاء أنه ليس في الشهود ولا في الخارج إلا شيء واحد هو الرب، وهذا غاية الكفر.

وكيف يكون الهروي قائلا بوحدة الوجود مع تصريحه بالعلو والبينونة ، وأن الله تعالى على عرشه فوق السماء السابعة بائن من خلقه!

ونسوق هنا تبرئة الإمام الهروي من ضلالة وحدة الوجود على لسان ثلاثة من الأئمة الأعلام:

1-قال ابن القيم رحمه الله: " فالوحدة المطلقة تنفي الطاعة والمعصية، فالصعود من وحدة الفعل إلى وحدة الوجود، يزيل عنه - بزعمه - توهم الانقسام إلى طاعة ومعصية، كما كان الصعود من تفرقة الأمر إلى وحدة الحكم ، يزيل عنه ثبوت المعصية.

وهذا عند القوم من الأسرار التي لا يستجيزون كشفها إلا لخواصهم، وأهل الوصول منهم.

لكن صاحب المنازل بريء من هؤلاء وطريقتهم، وهو مكفّر لهم، بل مخرج لهم من جملة الأديان، ولكن ذكرنا ذلك لأنهم يحملون كلامه عليه، ويظنونه منهم" انتهى من "مدارج السالكين" (1/ 244).

2-وقال الذهبي في "السير" (18/ 510): " قد انتفع به خلق، وجهل آخرون، فإن طائفة من صوفية الفلسفة والاتحاد يخضعون لكلامه في (منازل السائرين)، وينتحلونه، ويزعمون أنه موافقهم.

كلا، بل هو رجل أثري، لهج بإثبات نصوص الصفات، منافر للكلام وأهله جدا، وفي (منازله) إشارات إلى المحو والفناء، وإنما مراده بذلك الفناء هو الغيبة عن شهود السوى، ولم يرد محو السوى في الخارج، ويا ليته لا صنف ذلك، فما أحلى تصوف الصحابة والتابعين! ما خاضوا في هذه الخطرات والوساوس، بل عبدوا الله، وذلوا له، وتوكلوا عليه، وهم من خشيته مشفقون، ولأعدائه مجاهدون، وفي الطاعة مسارعون، وعن اللغو معرضون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" انتهى.

3- وقال ابن رجب رحمه الله: " وقد اعتنى بشرح كتابه " منازل السائرين " جماعةٌ. وهو كثير الإشارة إلى مقام الفناء في توحيد الربوبية، واضمحلال ما سوى الله تعالى ؛ في الشهود ، لا في الوجود. فيُتوهم فيه أنه يشير إلى الاتحاد ، حتى انتحله قوم من الاتحادية، وعظموه لذلك. وذمَّه قومٌ من أهل السنة، وقدحوا فيه بذلك. وقد برأه الله من الاتحاد. وقد انتصر له شيخُنا أَبُو عبد الله ابن القيم في كتابه الذي شرح فيه " المنازل " ، وبين أن حمل كلامه على قواعد الاتحاد زور وباطل" انتهى من "ذيل طبقات الحنابلة" (1/ 150).

وننصحك بمراجعة ترجمته في السير وفي ذيل الطبقات. وإذا شئت النظر في كتابه "منازل السائرين" ؛ فلا بد لك من مطالعته مع شرحه النفيس العظيم: "مدارج السالكين" للإمام ابن القيم، فهو الحادي إليه ، والهادي إلى مسالكه ، والمضي لما أشكله من عباراته .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب