الحمد لله.
أولا:
ورد النهي عن التسمي بملك الأملاك، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ) رواه البخاري (6206)، ومسلم (2143) وفي رواية له: (لَا مَالِكَ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ).
قَالَ الْأَشْعَثِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ.
وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو عَنْ أَخْنَعَ؟ فَقَالَ: "أَوْضَعَ".
قال الخطابي رحمه الله تعالى: " وأما أخنع، فمعناه: أوضعها لصاحبه، وأذلها له عند الله، يقال: خنع الرجل خنوعا، إذا تواضع وذل " انتهى من "أعلام السنن" (3/2216).
وقال ابن الملقن رحمه الله: " وإنما كان (ملك الأملاك) أبغض إلى الله تعالى، وأكره إليه أن يسمى به مخلوق؛ لأنه صفة الله، ولا تليق بمخلوقٍ صفاتُ الله، ولا أسماؤه، ولا ينبغي أن يتسمى أحد بشيء من ذَلِكَ؛ لأن العباد لا يوصفون إلا بالذل والخضوع والعبودية" انتهى من "التوضيح" (28/629).
ومثله في الذم "ملك الملوك".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فأوضع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك؛ لأنه جعل نفسه في مرتبة عليا، فالملوك أعلى طبقات البشر من حيث السلطة؛ فجعل مرتبته فوق مرتبتهم، وهذا لا يكون إلا لله عز وجل، ولهذا عوقب بنقيض قصده؛ فصار أوضع اسم عند الله؛ إذ قصده أن يتعاظم حتى على الملوك، فأُهين، ولهذا كان أحب اسم عند الله: ما دل على التذلل والخضوع، مثل: عبد الله وعبد الرحمن، وأبغض اسم عند الله ما دل على الجبروت والسلطة والتعظيم " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (10/836).
ثانيا:
التسمي بملك الملوك محرم.
وقد بوب النووي على الحديث: "بَابُ تَحْرِيمِ التَّسَمِّي بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ، وَبِمَلِكِ الْمُلُوكِ" انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله في "تحفة المودود"، ، ص114: " ومن المحرم: التسمية بملك الملوك، وسلطان السلاطين، وشاهنشاه.
فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخنع اسم عند الله: رجل تسمَّى: ملك الملوك)، وفي رواية: أخنى - بدل: أخنع. وفي رواية لمسلم: (أغيظ رجل عند الله يوم القيامة وأخبثه رجل كان يُسمَّى: ملك الأملاك، ولا ملك إلا الله) .
ومعنى أخنع وأخنى: أوضع.
وقال بعض العلماء: وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاة، وحاكم الحكام، فإن حاكم الحكام في الحقيقة هو الله.
وقد كان جماعة من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة، وحاكم الحكام؛ قياساً على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذا محض القياس.
وكذلك تحريم التسمية بسيد الناس، وسيد الكل، كما يحرم: سيد ولد آدم، فإن هذا ليس لأحد إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، فهو سيد ولد آدم، فلا يحل لأحد أن يطلق على غيره ذلك" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (3/26): "ويحرم التسمية بملك الأملاك، ونحوه مما يوازي أسماء الله، كسلطان السلاطين، وشاهنشاه؛ لما روى أحمد: اشتد غضب الله على رجل تسمى ملك الأملاك لا ملك إلا الله" انتهى.
والذي يظهر أن التلقيب بـ "أبو الملوك"، يدخل في الذم أيضا؛ لأنه يراد به التعاظم، والسلطة، وتمام الملك، فأقل أحواله الكراهة.
والله أعلم.
تعليق