الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

مسلمة جديدة تسأل: لماذا شروط الصلاة معقدة؟

434142

تاريخ النشر : 10-04-2023

المشاهدات : 2355

السؤال

لي صديقة حديثة العهد بالإسلام، تسألني لما شروط الصلاة معقدة، وكثيرة؟ ولماذا تبطل صلاة الرجال إن صلوا بملابس قصيرة؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

نحب أولًا تهنئة صديقتك بنعمة الإسلام، فالله عز وجل أراد بها خيرًا وأعانها على الهداية إلى دين الحق، وهذا أمر يستحق الفرح والتهنئة، أدام الله عليها فضله ونعمته.

ثانيًا: شروط الصلاة في الحقيقة تسعة:

 1- الإسلام.

2- العقل.

3- التمييز.

4- دخول الوقت.

5- الطهارة.

6- ستر العورة.

7- اجتناب النجاسة، في البدن والثوب والمكان.

8- استقبال القبلة.

9- النية.

وإذا نظرنا في هذه الشروط سنجد الثلاثة الأولى متحققة في معظم المسلمين بغير جهد منهم، فهم قد استوفوا شرط الإسلام، وهم عقلاء، وهم قد جاوزوا سن التمييز (سبع سنوات).

وإذا نظرنا إلى الشرط الرابع سنجده يتعلق بدخول وقت الصلاة، وهي عملية تنظيمية لا عبء فيها على المسلم، بل فقط يدخل الوقت فيكون هناك متسع من الوقت يؤدي فيه الصلاة، ولا يبذل هو أي جهد لتحصيل شرط دخول الوقت، وهذا أيضًا شرط منطقي ليحصل اتصال للمسلم بالله في أوقات محددة خلال اليوم، تنظم عملية الاتصال، وتمنع من تسلل الغفلة إلى قلب المؤمن.

والشرط الرابع والخامس والسادس: شروط تتعلق بحسن وجمال ونظافة وأناقة المسلم بدنًا وثيابًا، وهنا موضع جواب سؤالك عن عدم صحة صلاة الرجال بثياب قصيرة تكشف عورتهم فوق الفخذ؛ لأن هذا الثوب ينافي الوقار اللازم بين يدي الله عز وجل، ينافي احترام الله وتعظيمه، هل يمكن في عالمنا أن يحضر رجل لاجتماع عمل ببنطال قصير(شورت)؟! فالله أعظم وأجل، وله المثل الأعلى سبحانه.

 وليس في هذه الشروط كثرة ولا تعقيد، بدليل أن للمدرسة نظام لباس، وللعمل نظام لباس، والنظافة واجتناب النجاسة أمور ينبغي أن يحرص عليها المسلم، بقطع النظر عن كونها شروطًا للصلاة.

يبقى استقبال القبلة وهو مجرد وضع جسدي ميسور، والنية وهي عزم القلب على التوجه لله بهذه الصلاة المقصودة، سواء كانت الظهر أو العصر مثلا، وهو أيضًا شرط ميسور.

ثالثًا:

بعد شرح ما تقدم فلا يمكننا اعتبار تسعة شروط، شروطا كثيرة، خاصة في عالم تملؤه الاشتراطات القانونية التي نمل من كثرتها وتعقيدها، حتى إننا نوقع بالموافقة عليها دون أن نقرأها.

وهذه الشروط التسعة منها ثلاثة شروط حاصلة عندنا بطبيعة الحال، ليس فيها جهد، وشرط رابع يحصل أيضًا في العالم بمواقيت النهار والليل لا نبذل جهدًا فيه، وشروط ميسورة تتعلق بنظافتنا وأناقتنا، ثم نتوجه بجسدنا للقبلة ونيتنا الصلاة لله، فالواقع أنه لا كثرة ولا تعقيد على الإطلاق.

ربما إذا قارنا الإسلام بأديان أخرى يكون فعل الصلاة فيها أكثر عفوية، وبلا اشتراطات = ربما نظن بوجود الكثرة والتعقيد في الشروط الإسلامية؟

والواقع أن العفوية ليست خيرًا من هذه الكثرة النسبية، كما أن عفوية العلاقات مثلا ليست خيرًا من نظام الزواج، إن النظام هنا أفضل من العفوية، لأنه في الحقيقة عبارة عن رحلة عبور وتطهير تنزع المسلم من انغماسه الدنيوي، ليُقبل على الله مستحضرًا عظمة الله، وجلال العبادة، وأن هناك فرقا بين حال لقاء الله، وما تستوجبه من كمال الانتباه، والاستعداد، والتهيؤ، والتهيب أيضا؛ وبين لقاء البشر الذي لا يشترط له شيء من ذلك.

لكن لو كان الفعل على عفويته الموجودة في ديانات أخرى، فهي في الحقيقة صلاة لا تساعد على انتزاع العبد من الانغماس الدنيوي، بل هي صلاة سيفعلها العبد مستعجلًا، ويعود لدنياه سريعًا.

ونحن إذا نظرنا في باقي آداب وأركان الصلاة، سنجدها كلها تحثنا على السكينة والوقار والهدوء والطمأنينة والخشوع، وكل ذلك يتعلق بأمر واحد: إخراجنا من إيقاع الدنيا وسرعتها اللاهثة، إلى سكينة العبادة ووقارها، لنأخذ استراحة إيمانية، نقبل فيها على ربنا، ونخرج من غفلتنا لنتذكر آخرتنا.

دعينا أيتها الأخت الكريمة، نمعن النظر في هذه الفكرة جيدًا: هذه الشروط والآداب وضعت كلها كي لا نفعل الصلاة فعلًا عفويًا سريعًا، غير منتبه، ثم نعود لانغماسنا الدنيوي، بل وضعها الله لكي نخرج من غفلتنا الدنيوية، وندخل بنظام مرتب، إلى وضع هادئ، ساكن (=خاشع)، بعيد عن تسارع العالم، لننغمس بالتدريج في مكان آخر، يضعنا بين يدي ربنا ويقول لنا: (الله أكبر)، والآخرة خير وأبقى.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (223305)، ورقم:(323841).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب