الحمد لله.
أولا:
لا يجوز لطالب الطب أن يعمل طبيبا، ما لم يحصل على الترخيص بذلك.
ومستند ذلك أمور:
1-أن القانون الذي تضعه الدولة، ويحقق المصلحة: يجب التزامه شرعا، ظاهرا وباطنا.
قال في "تحفة المحتاج" (3/71): "الذي يظهر أن ما أُمر به مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرا فقط، بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضا" انتهى.
ولا ريب في أن تأجيل الجهات المختصة لمنح الرخصة حتى يجتاز الطالب سنة الامتياز، إنما كان مراعاة لمصلحة عامة، وهي تحصيل التأهيل المطلوب لهذه المهنة التي تتعلق بها أرواح الناس وسلامتهم.
وقد نص بعض الفقهاء على منع الطبيب الجاهل والحجر عليه.
قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله: "ومنها: جواز الحجر على البالغ العاقل الحر عند أبي حنيفة رحمه الله في ثلاث: المفتي الماجن، والطبيب الجاهل، والمكاري المفلس؛ دفعا للضرر العام" انتهى من الأشباه والنظائر، ص75
وهذا الطالب قبل الترخيص يعتبر جاهلا، أو غير مؤهل، في عرف أهل الطب.
2-أن الشريعة جاءت برفع الضرر، وهذا الطالب لم يتأهل لمزاولة المهنة، والاستقلال بالرأي فيه، وقد يعمل منفردا في ليل أو نهار، فيحصل بذلك ضرر كبير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
والمرجع في كونه غير مؤهل هو عرف أهل هذا الفن، وهم مقرون بأن هذا الطالب وإن كان لديه معلومات كثيرة، لكنه يحتاج إلى تدريب على المهنة تحت رعاية غيره، وأنه لا يكون صالحا للاستقلال بالعمل حتى يمر بالأطوار المعمول بها اليوم.
3-أن ممارسة الطالب للتطبيب قبل الحصول على الرخصة يدخل في باب الغش المحرم، وذلك أن أكثر المرضى لا يرضون ذلك، ولو علموا أن من قام بتشخيصهم وعلاجهم طالب امتياز، لأبوا ذلك، وعدوه جناية، فإذا لم يعلموا أنه طالب امتياز كان غشا لهم، والغش كبيرة من الكبائر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي رواه مسلم (102).
وما ذكرناه لا يمنع من تدخل هذا الطالب لإنقاذ مريض أو شخص من هلكة، إذا كان يعلم طريقة خلاصه، وفرق بين هذه الحالة التي يتدخل فيها بغير إرادته، وبين أن يكون طبيبا تعرض عليه الحالات الكثيرة المتنوعة التي يلزمه أن يقول فيها برأيه تشخيصا وعلاجا.
والله أعلم
تعليق