الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يحجر على مريض السرطان في تصرفاته المالية؟

498802

تاريخ النشر : 09-03-2024

المشاهدات : 2097

السؤال

من أصيب بمرض السرطان – عافا الله المسلمين منه- هل يحجر عليه في تصرفاته وتبرعاته؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

إذا شعر المريض بدنو أجله ربما تنطلق يده في التبرعات رجاء استدراك ما فاته في حال صحته، وقد يؤدي ذلك إلى تبديد ماله وحرمان الورثة، فشرع الحجر عليه.

وقد اتفق الفقهاء على أن المريض ‌مرض ‌الموت تحجر عليه تبرعاته فيما زاد عن ثلث تركته لحق ورثته، ويجوز له التبرع بالثلث فأقل، ولا يمنع من ‌تصرفات ‌المعاوضات ‌المالية كبيع وشراء وقرض ومضاربة ومساقاة وإجارة، إلا إن كان فيها محاباة» «انظر: "الموسوعة الفقهية الكويتية" (11/215) و"الفقه الإسلامي وأدلته" للزحيلي (6/ 4505):

قال ابن قدامة رحمه الله: "فأما المريض، فإن كان مرضه غير مخوف، أو غير مرض الموت، فحكمه حكم الصحيح.

وإن كان مرض الموت ‌المخوف، فحكم ضمانه حكم تبرعه، يحسب من ثلثه؛ لأنه تبرع بالتزام مال لا يلزمه، ولم يأخذ عنه عوضا، فأشبه الهبة" انتهى من "المغني" (7/81).

ثانياً:

‌‌المرض الذي يحجر على صاحبه في التبرع بما زاد على الثلث هو المرض المَخُوف.

وهو المرض الذي يُخاف منه الموت لكثرة الموت به، ويُعرف بالتجربة وإخبار الأطباء ويكون متصلاً بالموت.

وقيل هو كل مرض اتصل به الموت، أو ظن المكلف موته به، أو أخبر الأطباء أنه مرض تكثر الوفاة به.

وهذا الضابط يختلف تنزيله على الأعيان باختلاف حالاتهم، ويعتبر قول الأطباء في دراسة الحالة، لاختلاف الناس في تحملهم للأمراض، فقد يكون المرض مَخوفاً في حق شخص وغير مخوف بحق آخر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "المرض المخوف: أن يكون سببا صالحا للموت فيضاف إليه، ويجوز حدوثه عنده.

وأقرب ما يقال : ما يكثر حصول الموت منه ، فلا عبرة بما يندر وجود الموت منه ، ولا يجب أن يكون الموت منه أكثر من السلامة" "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (5/440).

فإذا اجتمع رأي الأطباء أن هذا المرض في حق هذا الشخص يعتبر مرضا مخوفاً، فإنه يحجر على تبرعه بما زاد على الثلث حفظاً لحق الورثة، فإن استمر به المرض حتى مات لم تنفذ تبرعاته إلا بثلث التركة ، وإن عوفي نفذت تصرفاته في التبرع بما زاد على الثلث ، لأنه تبين أن المرض لم يكن مرض موت .

ثالثاً:

يفرق في مرض السرطان بين نوع المرض ، وكذلك بين درجة خطورته ، فإذا اجتمع قرار الأطباء أن مرض الشخص المصاب بالسرطان مرضٌ مخوفٌ في حقه، فإنه يجوز الحجر على تبرعاته بما زاد على الثلث، فإن استمر به مرضه حتى مات لم تنفذ تبرعاته إلا بالثلث ، وإن عوفي نفذت كلها .

وقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: "عن وصية مريض ‌السرطان أوصى بأن دُوره الثلاثة وقف بعد مماته على ذريته الذكور والاناث ولأولادهم من بعدهم لأبناء الظهور دون أبناء البطون. فهل تنفذ الوقفية في جميع الدور، أم في الثلث؟

فأجاب: إذا كان الأمر كما ذكرت، فالظاهر أنه لا ينفذ إلا في الثلث، إلا إن اجازه الورثة" انتهى من "فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ" (9/ 223).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب