الحمد لله.
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفيك شفاء لا يغادر سقما .
ثانيا :
الواجب على المسلم أن يحافظ على أداء الصلاة في وقتها ، محافظًا على طهارة بدنه وثوبه والمكان الذي يصلي فيه، قدر الإمكان.
وينظر جواب السؤال رقم (147025) .
ثالثا :
القاعدة في الصلاة -وفي جميع العبادات- ، أن كل ما عجز عنه المسلم من الواجبات فإنه يسقط عنه ، ولا يكلف به ، لقول الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) البقرة/286 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) رواه البخاري (7288) ومسلم (1337).
فإن عرض للمسلم عذر وكان بين خيارين : إما أن يصلي الصلاة في وقتها ، مع وجود نجاسة على ثوبه وبدنه ، وإما أن يؤخرها عن وقتها ويصليها بثياب طاهرة ، فإن الحفاظ على وقت الصلاة أولى من الحفاظ على طهارة الثياب ، فيصلي في الوقت ولو مع نجاسة ثيابه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة، ولا حدث، ولا نجاسة، ولا غير ذلك، بل يصلي في الوقت بحسب حاله، فإن كان محدثا وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله: تيمم وصلى.
وكذلك الجنب يتيمم ويصلي إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله لمرض أو لبرد.
وكذلك العريان يصلي في الوقت عريانا، ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه.
وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يقدر أن يزيلها؛ فيصلي في الوقت بحسب حاله.
وهكذا المريض؛ يصلي على حسب حاله في الوقت، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. فالمريض باتفاق العلماء يصلي في الوقت قاعدا أو على جنب، إذا كان القيام يزيد في مرضه، ولا يصلي بعد خروج الوقت قائما.
وهذا كله؛ لأن فعل الصلاة في وقتها فرض، والوقت أوكد فرائض الصلاة، كما أن صيام شهر رمضان واجب في وقته، ليس لأحد أن يؤخره عن وقته.
ولكن يجوز الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة، باتفاق المسلمين. وكذلك يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر عند كثير من العلماء للسفر والمرض، ونحو ذلك من الأعذار.
وأما تأخير صلاة النهار إلى الليل، وتأخير صلاة الليل إلى النهار: فلا يجوز لمرض ولا لسفر، ولا لشغل من الأشغال، ولا لصناعة؛ باتفاق العلماء. بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (الجمع بين صلاتين من غير عذر من الكبائر)" انتهى، "مجموع الفتاوى" (22/30) .
رابعا :
يجوز الجمع بين الصلاتين ، (الظهر والعصر) ، (المغرب والعشاء) ، ولو كان ذلك في الحضر ، وليس في السفر ، إذا وجدت المشقة في فعل كل صلاة في وقتها ، ومن ذلك : المرض الذي يشق معه تكرر الطهارة ، كما في حالتك ، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة أن تجمع بين الصلاتين ، لكون ذلك أيسر لها .
وينظر جواب السؤال رقم (147381) .
خامسا:
بناء على ما سبق تقريره من أحكام ، فإنك تؤخرين صلاة المغرب حتى تعودي إلى البيت ، فتطهري بدنك وثيابك وتجمعي المغرب مع العشاء جمع تأخير ، وبهذا تكونين قد صليت المغرب والعشاء بطهارة كاملة .
أما صلاتا الظهر والعصر، فإننا سنعرض لك الحل التالي :
أن تحملي معك حفاظة نظيفة ، وإذا دخل وقت صلاة الظهر وأنت بالجامعة فإنك تغيرين الحفاظة ، وتلبسين الجديدة بعد أن تطهري بدنك ، وتتوضئين ، وتجمعين بين صلاتي الظهر والعصر ، إما جمع تقديم ، وإما جمع تأخير حسب الأيسر لك ، وبهذا تكونين قد صليت الظهر والعصر بطهارة كاملة .
فإن لم يمكنك فعل هذا ، أو شق عليه ، فإنك تصلين كل صلاة من صلاتي الظهر والعصر في وقتها ، بعد أن تتوضئي لها ، ولا يضرك وجود النجاسة في الحفاظة ، أو في ثيابك ، لأن هذا خارج عن استطاعتك ، وصلاتك في الوقت بالنجاسة أولى من تأخير الصلاة ، كما سبق .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : "المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته، عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ويغسل ما يصيب بدنه ، ويجعل للصلاة ثوبا طاهرا، إن لم يشق عليه ذلك ، وإلا عُفي عنه، لقول الله تعالى : (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وقوله: ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )، ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته" انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (1/192).
ولكنك في هذه الحالة لا تجمعين بسبب وجود النجاسة، لأنك لا تستفيدين من هذا الجمع شيئا؛ فما دمت ستصلين بهذه الحفاظة، أو بملابسك، وعليها شيء من النجاسة، لعدم قدرتك على الطهارة الكاملة، فتصلين كل صلاة في وقتها، بحسب حالك، ما دمت قادرة على ذلك.
والله أعلم .
تعليق