الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

وجدت كدرة بعد صلاة العشاء فهل تعيد الصلاة؟

503943

تاريخ النشر : 21-10-2024

المشاهدات : 729

السؤال

أنا لأن الاستحاضة عندي نادر نزولها، توضأت قبل العصر، وصليت جميع الصلوات إلى العشاء، ظنًّا مني أنه لن ينزل، وبعد العشاء وجدت إفرازًا بنيًّا فأعدت المغرب والعشاء، فهل يجب علي إعادة الظهر والعصر؟
وفي اليوم الذي بعده فعلت نفس الشيء، ووجدت قطعا بنية على المنديل عندما مسحت ظاهر القبل، ولم أتأكد من ماهيتها؛ لأن ملمسها جاف وقاسي، ولا أعلم هل هو مجرد وسخ من الفرج، أم من المنديل، أم إفرازات استحاضة، فماذا أفعل؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يحكم بالاستحاضة إلا إذا جاوز الدم خمسة عشر يوما عند الجمهور.

ثانيا:

الإفرازات البنية ويقال لها: الكدرة، ليست حيضا، إلا إذا اتصلت بدم الحيض، قبله أو بعده.

وأما إذا لم تتصل به، كما في السؤال، فلا تأخذ حكم الحيض.

وكذلك لا تأخذ حكم الاستحاضة، لعدم استمرارها.

وعليه؛ فهي نجاسة تنقض الوضوء، ويلزم تطهير ما أصابت من البدن أو الثوب.

ثالثا:

قد ذكرت أنك وجدت هذه الكدرة بعد صلاة العشاء، وعليه فلا يلزمك إعادة شيء من الصلوات، لا العشاء ولا غيرها، لاحتمال نزول الكدرة بعد العشاء.

والأصل: أن "الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته".

وهذا من قواعد الفقه، وأقرب أوقاته هنا هو بعد العشاء.

ومعنى القاعدة: " أنّه إذا وقع اختلاف في زمن حدوث أمر، ولا بيِّنة تحدّده – فإنّ هذا الأمر ينسب إلى أقرب الأوقات إلى الحال؛ لأنّه المتيقّن، والزّمن الأبعد مشكوك فيه.

لكن إذا ثبت نسبته إلى الزّمن الأبعد فيجب العمل به" انتهى من "موسوعة القواعد الفقهية" للدكتور محمد صدقي البرنو (12/ 316).

قال السيوطي رحمه الله في كتابه "الأشباه والنظائر" ص 59: "قاعدة: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن.

ومن فروعها: رأى في ثوبه منياً، ولم يذكر احتلاما: لزمه الغسل على الصحيح.

قال [أي الشافعي] في الأم: وتجب إعادة كل صلاة صلاها من آخر نومة نامها فيه" انتهى.

وقال النووي رحمه الله : "فإذا سلم من صلاته، ثم رأى عليه نجاسة يجوز أنها كانت في الصلاة، ويجوز أنها حدثت بعدها: فصلاته صحيحة بلا خلاف" انتهى من "المجموع" (3/ 156).

لكن إن غلب على ظنك أن الكدرة نزلت قبل العشاء، بأن وجدت الكدرة طرية بعد الصلاة، فإنك تعيدين العشاء.

سئل الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله عن: امرأة رأت شيئاً من دم الحيض بعد صلاة المغرب، ولم تعلم هل كان ذلك قبل الغروب أم بعده؟، فما الحكم بالنسبة لصلاتها وصيامها؟

فأجاب: " إذا رأت الدم، وغلب على ظنها أنه سابق للغروب: فلا إشكال أن صوم ذلك اليوم لاغٍ ويلزمها قضاؤه.

وأما إذا كانت قد غلب على ظنها أن الدم طري، وأنه حادث بعد المغرب: فلا إشكال في صحة صومها، ولزوم صلاة المغرب إذا طهرت؛ فإنها تقضيها وتصليها.

وأما إذا ترددت وشكت، فالقاعدة عند العلماء رحمهم الله تقول: (ينسب لأقرب حادث)، فالأصل صحة الصوم حتى يدل الدليل على عدم صحته، والأصل أنها صامت يوماً كاملاً، وذمتها بريئة حتى نتحقق من وجود هذا المؤثر، فحينئذٍ يحكم بصحة صومها، وأما الدم فلا يؤثر في ذلك اليوم " انتهى من " شرح زاد المستقنع للشيخ الشنقيطي ".

ربعا:

لا يلزم في اليوم التالي إعادة شيء من الصلوات؛ لما قدمنا، مع غلبة الظن أنه لم يكن ذلك قبل العشاء؛ لما ذكرت من كون الكدرة جافة وقاسية، هذا على فرض أنها كدرة.

والحذر الحذر من الوسوسة، فإنها داء وشر.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب