الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

هل تعبير الأنبياء للرؤيا ظني أم يقيني؟

509220

تاريخ النشر : 03-10-2024

المشاهدات : 1295

السؤال

كنت أتناقش أنا وأخي عن تعبير الرؤى وأنها ظنية، وقلت له: حتى نبي الله يوسف عليه السلام لم يجزم بتعبير رؤيا الفتى، وإنما ظن، فاستعظم أخي ذلك، وقال: بل تعبير الأنبياء يقين، ولايمكن أن يخطئوا في ذلك،، وهم معصومون بخلاف غيرهم من المعبرين، فما الجواب في ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الأصل المحكم: أن ما يبلغه صلى الله عليه وسلم للناس من أمور الشرع: فهو وحي من الله تعالى.

لكن هناك جملة من تصرفاته صلى الله عليه وسلم، مما هو صادر عن اجتهاد، كبعض ما كان يسوس به صلى الله عليه وسلم أمته في الحروب، وفي بعض النوازل وفي القضاء بين الخصوم.

وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (135586).

وما كان يجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم: منه ما يحتمل الظن، لا اليقين؛ لأن من الاجتهادات مالا يمكن للمجتهد أن يكون حكمه فيها يقينيا إلا بأن يكون عالما بالغيب، والغيب مما اختص الله تعالى به.

كما روى البخاري (6967)، ومسلم (1713) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأخُذْ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

” قول: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) أي كواحد من البشر في عدم علم الغيب ” انتهى. “فتح الباري” (12/ 339).

ثانيا:

اختلف أهل العلم في تأويل الأنبياء عليهم السلام للرؤى: هل لاحقة بالوحي، أم إن ذلك يكون عن اجتهاد وظن غالب؟

ومن أهم أسباب اختلافهم فيها، اختلافهم في فهم قول الله تعالى عن قصة يوسف عليه السلام:

( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ) يوسف/42.

فالأكثر على أن الظن هنا بمعنى اليقين.

قال الواحدي رحمه الله تعالى:

” قوله تعالى: ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا ) قال ابن عباس ومقاتل وأكثر المفسرين: ظن: أيقن، وهذا التفسير موافق لقول من يقول: إنه حكم في عبارة الرؤيا بالقطع واليقين … والقول هو الذي عليه العامة ” انتهى “التفسير البسيط” (12 /121).

ولم نقف على قول ابن عباس رضي الله عنه مسندا.

ومن السلف من حمل لفظة (ظَنَّ) على بابها، وأنها ظن ليس بيقين.

قال الطبري رحمه الله تعالى:

” وكان قتادة يوجّه معنى الظنّ في هذا الموضع، إلى الظّنّ الذي هو خلاف اليقين.

حدَّثنا بشرٌ، قال: حدَّثنا يزيد، قال: حدَّثنا سعيد، عن قتادة: ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ) : وإنما عبارة الرؤيا بالظّنّ، فيحقّ اللّه ما يشاء، ويبطل ما يشاء” انتهى. “تفسير الطبري” (13/171).

ونحو هذا روي عن ابن سيرين رحمه الله تعالى، كما سيأتي.

وبهذا وجّه بعض أهل العلم حديث ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: ( أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ، ثُمَّ وُصِلَ. فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ، وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا. فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

اعْبُرْ. قالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلَامُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرَانُ، حَلَاوَتُهُ تَنْطِفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرَانِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، تَأخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأخذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَاتُ؟ قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَاتَ بَعْضًا. قالَ: فَوَاللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَاتُ. قالَ: لَا تُقْسِمْ ) رواه البخاري (7046)، ومسلم (2269).

قال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى:

” فقال قائل: فما معنى قوله لأبي بكر حين أقسم عليه: ( لَا تُقْسِمْ )؟

قيل له: إنّ قسم أبي بكر كان عليه ليخبره بحقيقة الخطأ من حقيقة الصّواب، وكان ذلك غير موصول إليه في ذلك المعنى؛ لأنّ العبارة إنّما هي بالظّنّ والتّحرّي لا بما سواهما.

وقد روي مثل ذلك فيها، كما حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قال: ( التَّفْسِيرُ يَعْنِي: الرُّؤْيَا إنَّمَا هُوَ ظَنٌّ أَظُنُّهُ وَلَيْسَ بِحَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ، ثُمَّ قَرَأَ: { وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا } ).

قال أحمد: يعني أنّ يوسف عليه السلام قال للّذي ظنّ أنّه ناج منهما، فكان تعبير رسول الله صلى الله عليه وسلم لمثلها من هذا الجنس أيضا، وكان نهيه صلى الله عليه وسلم لأبي بكر عن القسم عليه ليخبرنّه إيّاه؛ لهذا المعنى لا لما سواه ” انتهى. “شرح مشكل الآثار” (2/ 160).

وخبر ابن سيرين هذا، قد رواه حرب الكرماني أيضا، لكن ليس فيه ذكر الآية، حيث قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بِشْرِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: سمعت مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ:( إنَّمَا الرُّؤْيَا ظَنٌّ أَظُنُّهُ وَلَيْسَ بِحَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ ) انتهى. من “مسائل حرب الكرماني من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب” (2/945).

وإلى نحو قول أبي جعفر الطحاوي مال أبو بكر الخطيب، حيث قال رحمه الله تعالى:

” وكراهة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم القسم من أبي بكر أن يخبره، إنّما كانت لأجل أنّ التّعبير الّذي صوّبه النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بعضه وخطّأه في بعض لم يكن عن وحي، لكن من جهة ما تعبّر الرّؤيا بالظّنّ، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم في ظنّه كسائر البشر في ظنونهم، يجوز أن يقع فيه الخطأ، وإنّما الوحي الّذي كان يخبر به عن اللّه عز وجل هو الصّواب الّذي لا يجوز خلافه، ولا يقع الخطأ فيه، واللّه أعلم ” انتهى. “الفقيه والمتفقه” (2/ 283).

وإلى هذا الرأي مال الطوفي رحمه الله تعالى، حيث قال:

” ( وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا … ).

فيه أن علم التعبير علم مظنون، وقد يقطع بالتأويل بقرائن، أو اطراد عادة، ونحوه ” انتهى. “الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية” (ص349).

وهذا الذي قد يفهم من قول ابن كثير رحمه الله تعالى:

” ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }.

ولما ظن يوسف عليه السلام نجاة أحدهما وهو الساقي، قال له يوسف خفية عن الآخر … ” انتهى. “تفسير ابن كثير” (4/514).

ثالثا:

وقد انتقد هذا الرأي بقول يوسف عليه السلام في قوله تعالى:

( يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ) يوسف/41.

فقوله: ( قُضِيَ الْأَمْرُ ) يفيد الجزم واليقين.

وانتقد أيضا بأن القول بأن الأنبياء عليهم السلام يعبرون الرؤى بالظن، والظن يحتمل الخطأ، وهذا يثير الشبهة في سائر أخبار الأنبياء التشريعية وغيرها.

قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:

” وهذا الذي قاله قتادة؛ من أن عبارة الرؤيا ظنّ، فإن ذلك كذلك من غير الأنبياء.

فأمّا الأنبياء: فغير جائز منها أن تخبر بخبر عن أمر أنه كائن ثم لا يكون، أو أنه غير كائن ثم يكون، مع شهادتها على حقيقة ما أخبرت عنه أنه كائن أو غير كائن؛ لأن ذلك لو جاز عليها في أخبارها، لم يؤمن مثل ذلك في كلّ أخبارها، وإذا لم يؤمن ذلك في أخبارها، سقطت حجّتها على من أرسلت إليه.

فإذ كان ذلك كذلك، كان غير جائز عليها أن تخبر بخبر إلا وهو حقّ وصدق؛ فمعلوم، إذ كان الأمر على ما وصفت، أن يوسف لم يقطع الشهادة على ما أخبر الفتيين اللذين استعبراه أنه كائن، فيقول لأحدهما: ( أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ). ثم يؤكّد ذلك بقوله: ( قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ). عند قولهما: لم نر شيئا = إلا وهو على يقين أن ما أخبرهما بحدوثه وكونه، أنه كائن لا محالة، لا شكّ فيه، وليقينه بكون ذلك، قال للناجي منهما: ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ).

فبيّن إذن بذلك فساد القول الذي قاله قتادة في معنى قوله: ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا ) ” انتهى. “تفسير الطبري”(13 / 171).

وأجيب عن الاستدلال بالآية، بأن: ( قُضِيَ )، بمعنى قد قلت ما عندي وتمّ، وليس بمعنى الجزم بالتعبير.

قال ابن عطية رحمه الله تعالى:

وقوله: ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ ) الآية. ” الظن ” هاهنا- بمعنى اليقين، لأن ما تقدم من قوله: ( قُضِيَ الْأَمْرُ ) يلزم ذلك، وهو يقين فيما لم يخرج بعد إلى الوجود.

وقال قتادة: ” الظن ” – هنا- على بابه؛ لأن عبارة الرؤيا ظن.

قال القاضي أبو محمد: وقول يوسف عليه السلام: ( قُضِيَ الْأَمْرُ ) دال على وحي.

ولا يترتب قول قتادة إلا بأن يكون معنى قوله ( قُضِيَ الْأَمْرُ ) أي قضي كلامي، وقلت ما عندي وتم، والله أعلم بما يكون بعد ” انتهى. “المحرر الوجيز” (3 / 246).

رابعا:

وأيا ما كان الأمر، فإن تعبير الرؤيا لا مدخل له في أمر التشريع ووحي الله لأنبيائه؛ فالقول بأن هذا الرأي يثير الشبهة في سائر أخبار الأنبياء التشريعية وغيرها؛ مردود بأن الأنبياء معصومون – إجماعا – عن الخطأ في تبليغ الشرع.

روى الإمام مسلم (2361) عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ” مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ، فَقَالَ: (مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟) فَقَالُوا: يُلَقِّحُونَهُ، يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيَلْقَحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا) قَالَ: فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ: (إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ عز وجل).

قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى:

” وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ عز وجل )، يريد الكذب خطأ، فأما الكذب عمدا فقد علم براءته منه مطلقا، ومفهوم تلك العبارة جواز الكذب خطأً في الأمور الدنيوية كما هو واضح.

وعُلم من هذه القصة أنّه لا يلزم تنبيه الله عز وجل على الخطأ في الأمور الدنيوية فورا، بخلاف الأمور الدينية كما مرّ.

وعُلِم منها أيضا أنّ المراد بالأمور الدنيوية: ما كان دنيويا بالذات، وإن تفرّع عليه أمر له مساس بالدين، فترك التأبير يلزمه نقص الثمر، وفيه شبه بإضاعة المال، والدين يكره ذلك ” انتهى. “إرشاد العامه إلى معرفة الكذب وأحكامه – ضمن آثار المعلمي” (19 / 282).

والخطأ الذي قد يحدث من النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور الاجتهادية، لا يقر على حاله، ولا يثبت في أمر الشريعة، ولا في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته؛ إلا وقد بين الله له ولأمته الصواب فيه، ونسخ ما كان قد وقع من الخطأ في الاجتهاد.

قال أبو الثناء الأصفهاني رحمه الله تعالى:

” احتمال الخطأ في الاجتهاد لا يخلّ بالمقصود من البعثة؛ لأنّه لا يقرّ على خطئه، بخلاف احتمال الخطأ في الرّسالة والوحي، فإنّه يخلّ بالمقصود من البعثة، وهو منفيٌ عنه بالاتّفاق ” انتهى. “بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب” (3/ 346).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (135586)، ورقم: (7208).

الخلاصة:

يتبيّن مما سبق أن هذه المسألة محل خلاف، وليس فيها نص قاطع، ومن يقول بأن تعبير النبي صلى الله عليه وسلم للرؤى هو تعبير من باب الظن، فليس المقصود به الشك، وإنما الظن الغالب، وظن النبي صلى الله عليه وسلم ليس كظن سائر الناس، فلكمال علمه وكمال خشيته من الله تعالى وكمال عقله صلى الله عليه وسلم، فإن ظنه صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخطئ.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب