الحمد لله.
هذا الخبر لا يعرف له أصل، أورده المحب الطبري في “الرياض النضرة في مناقب العشرة” (2 / 295)، بلا إسناد، حيث جاء فيه:
” ومنها موافقته في قوله تعالى: ( سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ )، عن النبي صلى الله عليه وسلم استشار عمر في أمر عائشة حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فقال: يا رسول الله من زوجكما؟ فقال: الله تعالى.
قال: أفتظن أن ربك دلس عليك فيها؟ سبحانك هذا بهتانٌ عظيمٌ، فأنزل الله ذلك على وفق ما قال عمر” انتهى.
ومن كتاب “الرياض النضرة”: نقله بعض أصحاب المصنفات المتأخرة.
ومما يشير إلى عدم صحة هذا الخبر: أن المشهور أن هذا التسبيح قاله رجل من الأنصار.
كما عند البخاري (7370) عَنْ عُرْوَةَ: عَنْ عَائِشَةَ: ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقالَ: مَا تُشِيرُونَ عَلَيَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِي؟ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ .
وَعَنْ عُرْوَةَ قالَ: ” لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ بِالأَمْرِ قالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأذَنُ لِي أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَهْلِي؟ فَأَذِنَ لَهَا، وَأَرْسَلَ مَعَهَا الْغُلَامَ. وَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ! { مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } ).
وورد في بعض الروايات تعيين هذا الأنصاري بأنه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
” قوله: في حديث الإفك من طريق هشام عن أبيه عن عائشة: ( وَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ! { مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } ): قائل ذلك من الأنصار أبو أيوب، رواه الحاكم في “الإكليل” وغيره من طريق ابن إسحاق والواقدي وغيرهما، والطبراني في “مسند الشاميين”، والآجري في طرق حديث الإفك، كلاهما: من طريق عطاء الخراساني، عن الزهري، عن، عروة، عن عائشة … ” انتهى. “هدي الساري” (ص 343).
وروي بأنه قاله غيره، قيل زيد بن الحارثة، وقيل أسامة، وقيل سعد بن معاذ، وقيل أبي بن كعب رضي الله عنهم أجمعين.
وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى هذه الروايات في “فتح الباري” (8 / 470)، و(13 / 344)، وكذا السيوطي في “الدر المنثور” (10 / 701 — 702).
ومع عناية الحافظ ابن حجر بتتبع ما له صلة بالحديث من الروايات، والزوائد: فإنه لم يذكر شيئا عن موافقة عمر هنا، ولو كان وقف على شيء مسند، ما أهمل ذكره.
والله أعلم.
تعليق