الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما المقصود بحديث (لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ)؟

533247

تاريخ النشر : 10-10-2024

المشاهدات : 2439

السؤال

ما معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ)؟

الجواب

الحمد لله.

الحديث المشار إليه في سؤالك رواه البخاري (6081) ومسلم (1051) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ).

العَرَض، بفتح العين والراء: هو حطام الدنيا، ومتاعها، يدخل فيه جميع أنواع المال.

ومعنى الحديث:

أنّ الغنى الحقيقي ليس عن كثرة متاع الدنيا، لأنّ كثيرا ممن وسع الله عليه في المال، يكون فقير النفس لا يقنع بما أُعطي، فهو يجتهد دائبا في الزيادة، ولا يبالي من أين يأتيه، فكأنه فقير من المال؛ لشدة شرهه وحرصه على الجمع.

وأنّ حقيقة الغنى: غنى النفس، الذي استغنى صاحبه بالقليل، وقنع به، ولم يحرص على الزيادة فيه، ولا ألح في الطلب، فكأنه غني واجد أبدا.

وغنى النفس هو باب الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره ، علم أن ما عند الله خير للأبرار، وفى قضائه لأوليائه الأخيار.

فالغنى المحمود غنى النفس، وشبعها، وقلةُ حرصها؛ لا كثرة المال مع الحرص على الزيادة؛ لأنّ من كان طالبا للزيادة، لم يستغن بما معه؛ فليس له غنى.

فالحديث يرشدنا إلى أنّ الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح، هو غنى النفس، وأنه إذا استغنت نفسه كفّت عن المطامع، فعزّت وعظمت، فكان لها من الحظوة والنزاهة والتشريف والمدح، أكثر ممن كان غنيًا بماله، فقيرًا بحرصه وشرهه، فإن ذلك يورطه في رذائل الأمور، وخسائس الأفعال، لبخله ودناءة همّته، فيكثر ذامُّه من الناس، ويصغر قدره فيهم؛ فيكون أحقر من كل حقير، وأذل من كل صغير.

قال الوزير العالم: ابن هبيرة، رحمه الله: «في هذا الحديث من الفقه؛ أن الغنى المعروف بالألف واللام؛ لا يكون العرض؛ لأن ذلك إنما يكون داعية إلى فقر، من حيث إنه من ملك أعراضًا كثيرة من أجناس مختلفة، اضطر في حفظها ورعايتها إلى مؤن وكلف يزيده فقرًا، وإن كانت قد تعينه في حالة، فإنها تفقره في حالات.

فأما الغنى الحقيقي الذي لا فقر معه؛ فإنه غنى النفس بربها سبحانه وتعالى؛ لأن النفس هاهنا معرفة بالألف واللام لا يشار بها إلى النفس التي لا تحتاج إلى غير ربها، ومن استغنى بربه افتقر إليه كل شيء؛ فمتى استغنت نفس بربها عز وجل عن جميع خلقه؛ فذاك هو الغنى على الحقيقة لا وجود شيء يوجب زيادة فقر”. انتهى، من ” “الإفصاح عن معاني الصحاح” (7/ 245).

وقال ابن الجوزي، رحمه الله: “الْعرض: جَمِيع الْأَمْوَال. وَالْمرَاد بِهِ أَنه من افْتَقَرت نَفسه لم يغنه شَيْء، وافتقارها يكون بالشره فَلَا يغنيها مَا يكفيها”. انتهى، من ” “كشف المشكل من حديث الصحيحين” (3/ 507).

وينظر أيضا للفائدة : “شرح صحيح البخاري” – ابن بطال (10/ 165)، و”إكمال المعلم بفوائد مسلم” (3/ 586) “المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم” (3/ 95).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب