الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

فوائد الختان الصحية والشرعية

السؤال

أنا لا أدين بأي دين ، ولكني أتساءل لماذا يعتبر اليهود والمسلمون الختان إلزاميا ؟ يبدو لي أن المسلم ينظر إلى كل إنسان كمخلوق كامل من خلق الله ، ولكن، لماذا الشك في هذا الكمال بتغيير خلق الله ؟ أنا أعرف اعتبارات النظافة الصحية بالطبع ، ولكني آمل حقا أن أحصل على رد من طرفكم على سؤالي . ولكم الشكر على تلطفكم بالإجابة .

الجواب

الحمد لله.

المسلم يُنفذ أمر الله وهذا معنى الإسلام ومقتضاه ، وهو الاستسلام لله وطاعة أمره ، سواءٌ تبين له الحكمة منه أم لا ، لأن الآمر ـ وهو الله تعالى ـ هو الخالق العليم الخبير ، الذي خلق البشر ويعلم ما يُصلحهم وما يصلح لهم ، والختان من ضمن الأحكام الشرعية التي يُنفذها المسلم عن طواعية وخضوع ومحبةٍ لله وطلب للأجر والثواب من عنده ، وهو يجزم يقيناً بأن الله لم يأمر بشئٍ إلا وله فيه حكمة وللعبد فيه مصلحة سواءٌ علمها العبد أم لم يعلمها ، ولا بأس وقد ورد السؤال من طرفك أيها السائل الحريص على معرفة الفائدة الصحية من الختان أن نذكر هنا بعض الفوائد الشرعية والصحية للختان إجابةً لطلبك ، وليزداد المؤمنون إيماناً بالحكم ، ويعلم غير المسلم جانباً من عظمة هذه الشريعة التي جاءت بجلب المصالح ، ودرءِ المفاسد   .

أولاً :

الفوائد الشرعية :

“الختان من محاسن الشرائع التي شرعها الله سبحانه وتعالى لعباده ويُجَمِّلُ بها محاسنهم الظاهرة والباطنة  فهو مكمل للفطرة التي فطرهم عليها ولهذا كان من تمام الحنيفية ملة إبراهيم ، وأصل مشروعية الختان لتكميل الحنيفية فإن الله عز وجل لما عاهد إبراهيم وعده أن يجعله للناس إماماً ، ووعده أن يكون أباً لشعوب كثيرة وأن يكون الأنبياء والملوك من صلبه وأن يُكثِّر نسله وأخبره أنه جاعلٌ بينه وبين نسله علامةَ العهد أن يختنوا كل مولود منهم ويكون عهدي هذا ميسماً (أي علامة ) في أجسادهم . فالختان علم للدخول في ملة إبراهيم وهذا موافق  لتأويل من تأول قوله تعالى : ( صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) البقرة/138 ،على الختان ، فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميد لعبّاد الصليب ، فهم يطهرون أولادهم بزعمهم حين يصبغونهم في ماء المعمودية ويقولون :الآن صار نصرانياً ، فشرع الله سبحانه وتعالى للحنفاء صبغة الحنيفية ،وجعل ميسمها الختان فقال : (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) البقرة/138.

…فجعل الله سبحانه وتعالى الختان علماً لمن يضاف إليه وإلى دينه وملته وينسب إليه بنسبة العبودية والحنيفية …

والمقصود : أن صبغة الله هي الحنيفية التي صبغت القلوب بمعرفته ومحبته والإخلاص له ، وعبادته وحده لا شريك له ، وصبغت الأبدان بخصال الفطرة من الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر ،ونتف الإبط ، والمضمضة ،والاستنشاق ، والسواك ،والاستنجاء .

فظهرت فطرة الله على قلوب الحنفاء وأبدانهم.”

تحفة المودود بأحكم المولود – ابن القيم ص 351 .

ولا يشترط أن يبقى الجنين على ما هو عليه عند خروجه من بطن أمه إذا كان ما يُفعل معه لمصلحة ومما أمر به الدين الحنيف ومن ذلك حلاقة شعر رأسه بعد ولادته لأن ذلك من مصلحته قال نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام : ( أميطوا عنه الأذى ) .

وكذلك غسله مما أصابه من الدم وقطع المشيمة التي كان متصلاً بها بأمه ونحو ذلك من إجراء الأمور التي تفيده .

ثانياً :

الفوائد الصحية :

قال الدكتور محمد علي البار (عضو الكليات الملكية للأطباء بالمملكة المتحدة ـ مستشار قسم الطب الإسلامي مركز الملك فهد للبحوث الطبية جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ) في كتابه الختان :

” إن ختان الأطفال المواليد ( أي خلال الشهر الأول من أعمارهم ) يؤدي إلى مكاسب صحية عديدة أهمها :

1- الوقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب : الناتجة عن وجود القلفة ويسمى ضيق القلفة ويؤدي إلى حقب البول . والتهابات حشفة القضيب وهذه كلها تستدعي إجراء الختان لعلاجها ، أما إذا أزمنت فإنها تعرض الطفل المصاب لأمراض عديدة في المستقبل من أخطرها سرطان القضيب .

2- التهابات المجاري البولية : أثبتت الأبحاث العديدة أن الأطفال غير المختونين يتعرضون لزيادة كبيرة في التهابات المجاري البولية .وفي بعض الدراسات بلغت النسبة 39 ضعف ما هي عليه عند الأطفال غير المختونين ، وفي دراسات أُخرى  كانت النسبة عشرة أضعاف ، وفي دراسات أُخرى تبين أن 95 بالمائة من الأطفال الذين يعانون  من التهابات المجاري البولية هم من غير المختونين بينما كانت نسبة الأطفال المختونين لا تتعدى 5 بالمائة

والتهابات المجاري البولية في الأطفال خطيرة في بعض الأحيان ففي دراسة ويزويل على 88 طفلاً أصيبوا بالتهابات المجاري البولية كان لدى 36 بالمائة منهم نفس البكتريا الممرضة في الدم ، وعانى ثلاثة من هؤلاء من التهاب السحايا ، و أُصيب اثنان بالفشل الكلوي ، ومات اثنان آخران بسبب انتشار الميكروبات الممرضة في الجسم .

3- الوقاية من سرطان القضيب : قد أجمعت الدراسات على أن سرطان القضيب يكاد يكون منعدماً لدى المختونين بينما نسبته لدى غير المختونين ليست قليلة ، ففي الولايات المتحدة فإن نسبة الإصابة بسرطان القضيب لدى المختونين صفر بينما هي 2.2 من كل مائة ألف من السكان غير المختونين . وبما أن أغلبية السكان في الولايات المتحدة هم من المختونين فإن حالات السرطان هناك في حدود 750 إلى ألف حالة كل سنة ولو كان السكان غير مختونين لتضاعف العدد إلى ثلاثة آلاف حالة ، وفي البلاد التي لا يُختن فيها مثل الصين ويوغندا وبورتوريكو فإن سرطان القضيب يشكل ما بين 12 إلى22 بالمائة من مجموع السرطانات التي تصيب الرجال . وهي نسبة عالية جداً .

4- الأمراض الجنسية : لقد وجد الباحثون أن الأمراض الجنسية التي تنتقل عبر الاتصال الجنسي (غالباً بسبب الزنا واللواط ) تنتشر بصورة أكبر وأخطر لدى غير المختونين ، وخاصة الهربس ، والقرحة الرخوة والزهري ، والكانديدا ، والسيلان ، والثآليل الجنسية .

وهناك أبحاث عديدة حديثة تؤكد أن الختان يقلل من احتمال الإصابة بالإيدز بنسبة أعلى من قرنائهم من غير المختونين . ولكن ذلك لا ينفي أن المختون إذا تعرض للعدوى نتيجة اتصال جنسي بشخص مصاب بالإيدز قد يصاب بهذا المرض الخطير . وليس الختان واقياً منه ، وليست هناك وسيلة حقيقة للوقاية من هذه الأمراض الجنسية العديدة سوى الابتعاد عن الزنا والخنا واللواط وغيرها من القاذورات (وبهذا نعلم حكمة الشريعة الإسلامية بتحريم الزنا واللواط …) .

5- وقاية الزوجة من سرطان عنق الرحم : لاحظ الباحثون أن زوجات المختونين أقل تعرضاً للإصابة بسرطان عنق الرحم من غير المختونين .” انتهى نقلاً من كتاب (الختان) ص/76 للدكتور محمد البار.. والله أعلم

يراجع : مقال للبروفيسور ويزويل نشرته المجلة الأمريكية لطبيب الأسرة العدد/41 ، سنة 1991م .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد