الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

أدعية تحصين مخترعة منتشرة على الإنترنت !

تاريخ النشر : 25-12-2018

المشاهدات : 35612

السؤال

هناك أدعية تصل عبر تطبيق الواتس ، أريد أن أعرف صحة صيغة هذه الأدعية ، وهل يجوز أن ندعو بها ، ومن ضمنها دعاء تحصين النفس ( اللهم أنا في مدينة سورها لا إله إلا الله ، وبابها محمد رسول الله ، وأرضها حسبي الله ونعم الوكيل ) ، و(دعاء اللهم اجعل علينا قبة من حديد ، وحيطانها تبارك ، وسقفها يس ، وأبوابها رحمتك ، ومفاتيحها بسم الله الرحمن الرحيم) والدعاء ب ( بسم الله بابنا ، وتبارك حيطاننا ، ويس سقفنا وكهيعص كفيتنا ، وحم عسق حمايتنا ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، ستر العرش مسبول علينا ، وعين الله ناظرة إلينا ، بحول الله لا يقدرون علينا ، والله من ورائهم محيط ، بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ، والله خير الحافظين ، وهو أرحم الراحمين ، وإن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ، حسبي الله لا إله هو ، عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم) ؟

ملخص الجواب

 لا يظهر لنا مشروعية الدعاء بالصيغ المذكورة ، ولا تداوله ، ولا نشره بين الناس .

الجواب

الحمد لله.

هذه الأدعية والتحصينات مخترعة مصنوعة ، ولا أصل لها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ولا عمن بعدهم من السلف الصالح ، فلا يُعول عليها ولا يُلتفت لها ، ولا تجوز نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا نشرها .

كما يخشى أن يكون في هذه الأدعية نوع من الاعتداء في الدعاء ، لما فيها من تكثير الكلام الذي لا حاجة إليه .

وفيها من العبارات ، وتكلف تخصيص سور القرآن بما ذكر فيها : ما ينبغي تركه ، في أقل ما يقال عنه . 

وقد جاء عن ابن لسعد بن أبي وقاص ، أنه قال : " سمعني أبي ، وأنا أقول : اللهم إني أسألك الجنة ، ونعيمها ، وبهجتها ، وكذا ، وكذا ، وأعوذ بك من النار ، وسلاسلها ، وأغلالها ، وكذا ، وكذا ، فقال : يا بني ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول :  سيكون قوم يعتدون في الدعاء ، فإياك أن تكون منهم ، إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير ، وإن أعذت من النار أعذت منها ، وما فيها من الشر أخرجه أبو داود (1480) وقال الألباني : حسن صحيح .

ولا ينبغي لعاقل أن يترك الدعاء بالمأثور الصحيح ، ويدعو بمثل هذه الأدعية المخترعة المصنوعة ، التي لا يكون لها أثر في الغالب في تحصين المرء وحفظه .

ثم إنه يغني عن هذه الأدعية ما ثبت من الأحاديث الصحيحة التي بين فيها النبي صلى الله عليه وسلم أنها تحفظ المسلم بإذن الله تعالى ، والتي كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم عليها كأذكار الصباح والمساء وغيرها ، ومن ذلك :

1- ما جاء عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  : الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ  رواه البخاري (4008) ، ومسلم (807).

قال النووي رحمه الله : " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَفَتَاهُ " قِيلَ : مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَام اللَّيْل وَقِيلَ : مِنْ الشَّيْطَان ، وَقِيلَ : مِنْ الآفَات ، وَيَحْتَمِل مِنْ الْجَمِيع " . وينظر "فتح الباري" لابن حجر (9/56).

2- ما جاء عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :  مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ   .

وقَالَ : فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ ؟! فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلَا كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا " رواه أبو داود (5088) . 

ورواه الترمذي في سننه (رقم/3388) بلفظ :  مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ   وقال الترمذي : حسن صحيح غريب . وصححه ابن القيم في " زاد المعاد " (2/338)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

3- ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ، قَالَ :  أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ  رواه مسلم (2709).

فانظر إلى الفرق بين الصحيح المبارك ، من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم ، وأذكاره ، وبين هذه الأدعية السمجة المتكلفة .  

وينظر جواب السؤال رقم : (139554).

والحاصل :

أنه لا يظهر لنا مشروعية الدعاء بالصيغ المذكورة ، ولا تداوله ، ولا نشره بين الناس .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب