الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

التزام ابن أخيه بحفظ القرآن أثَّر سلباً على تحصيله الدراسي فكيف يصنع أهله ؟

تاريخ النشر : 05-06-2009

المشاهدات : 18166

السؤال

سؤالي يختص بحفظ القرآن ، حيث يبلغ ابن أخي من العمر 12 عاماً , وبدأ في الحفظ منذ حوالي 4 أشهر ، وهو يذهب للمدرسة ، ثم يذهب للمسجد لمدة ساعتين ونصف من يوم الاثنين إلى الجمعة ، والمشكلة التي نواجهها الآن أن مستواه بدأ يتأثر في المدرسة نتيجة لمقدار العمل ، والضغط الذي يتعرض له , وهو يحاول أن يقوم بأداء الفروض المدرسية ، وحفظ القرآن , وقد تدنت درجاته , وهو الآن تحت المستوى المطلوب الأمر الذي يقلقنا ؛ لأن أمامه اختبارات هامة في السنة المقبلة ستؤثر على تحديد الكلية التي سيلتحق بها ، فماذا نفعل في هذا الموقف ؟ وقد قيل لنا إنه من الخطأ أن نقوم بإيقاف حفظه للقرآن ، وعلى الجانب الآخر فإن تعليمه هام بالنسبة له حتى يحصل على درجات عالية ويلتحق بجامعة جيدة , ونحن نريد أن نتخذ أفضل القرارات ، لكننا في حيرة من أمرنا ، فهل بوسعكم - رجاء - تقديم النصح في هذا الشأن ، وتوضيح حكم الإسلام في هذه المواقف ؟ . وشكراً ، ونتطلع لتلقى رد منكم ، والله الحافظ .

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

تربية الأبناء منذ صغرهم على الدِّين ، وتحفيظهم كتاب الله ، وتعليمهم سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم : من الواجبات التي افترضها الله على الوالدين ، وهو من محاسن أفعال الأهل مع أولادهم ، ومما ينتفعون بها دنيا ، وأخرى ، إن شاء الله .

فنشكر أبوي هذا الطفل ، ومن يشجعه على حفظ كتاب الله ، وتعلمه ، ونسأل الله أن يكتب لهم الأجر يوم القيامة ، فما أعظم أن يلقى الإنسان ربَّه وفي صحيفته أعمال خير دلَّ عليها ، أو ساهم في وجودها .

ومما لا شك فيه : أن مقياس التفاضل عند الله هو بما يكتسبه المسلم من تقوى ، وإيمان ، وأعمال صالحة ، وقد اختصَّ الله تعالى حافظ القرآن بخصائص عظيمة ، وميزات رفيعة ، في الدنيا ، والآخرة ، وللوقوف على بعضٍ من تلك الميزات : يُنظر جواب السؤال رقم : ( 1403) .

ثانياً :

المطلوب من المسلم أن يوازن بين أمر الدنيا ، وأمر الآخرة ، قال تعالى : (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) القصص/77 .

قال الحسن وقتادة : معناه : لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال ، وطلبك إياه ، ونظرك لعاقبة دنياك .

انظر "تفسير القرطبي" (13/314) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ) أي : استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل ، والنعمة الطائلة ، في طاعة ربك ، والتقرب إليه بأنواع القرُبات ، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة .

(وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) أي : مما أباح الله فيها من المآكل ، والمشارب ، والملابس ، والمساكن ، والمناكح ، فإن لربك عليك حقّاً ، ولنفسك عليك حقّاً ، ولأهلك عليك حقّاً ، ولزَوْرك عليك حقّاً ، فآتِ كل ذي حقٍّ حقَّه .

"تفسير ابن كثير" (6/253 ، 254) .

فالمسلم يعمل لدنياه ، كما يعمل لآخرته , وإن كان العمل للآخرة مقدَّماً عند التعارض ؛ لأن الحياة الأبدية ، والخلود ، ليس في الدنيا ، بل في الآخرة ، إما في جنة ، وإما في نار .

ثالثاً :

جَمْعُ المسلمِ بين حفظ كتاب الله ، وبين مراجعة الدروس المدرسية : أمرٌ ليس صعب المنال ، ولكن يحتاج إلى ترتيب الوقت ، وتنظيمه ؛ فيجعل وقتاً للحفظ ، ومراجعة القرآن , ووقتاً لمراجعة الدروس المدرسية ,  ووقتاً للراحة , ووقتاً للترويح عن النفس ، ويكون ذلك بعمل جدول للوقت ، وتنظيمٍ لساعات يومه ، مع مراعاة عدم الضغط ، وعدم التشديد عليه .

كما ينبغي مراعاة مستوى الحفظ ، والذكاء ، لدى الطفل ، والشاب ، فلا يُحمَّل أحدٌ فوق طاقته ، وأكثر من وُسعه ؛ ولعل هذا يكون السبب في تقصير ذلك الشاب في جانب ، دون الآخر ؛ فإذا كان في مقدوره حفظ  صفحة من القرآن يوميّاً : فلا يحمَّل حفظ وجهين ، وهكذا ؛ حتى يتسنَّى له وقت للواجبات المدرسية , وكذلك الأمر بالنسبة للواجبات المدرسة ، فتحميله فوق طاقته يعرِّضه للضغط ، والتشويش .

والذي نراه أن هذا الطالب يقلل القدر الذي يحفظه من القرآن الكريم يومياً ، ويقلل المدة التي يبقاها في المسجد بسبب ذلك ، حتى يحصل الجمع بين حفظ القرآن الكريم ومراجعته ، وبين مذاكرة الدروس المدرسية .

ولا يمكننا نصحكم بإلغاء حفظ القرآن الكريم من أجل الدروس المدرسية .

فالنصيحة لوالدي الطفل :

أن يَعملوا على تنظيم وقت هذا الغلام الشاب ؛ وعليهم الجمع ، والموازنة ، بين حفظ القرآن وتحسين أدائه المدرسي ، من غير إخلال بواحدٍ منهما .

والله هو الموفق ، والمعين , ومنه يستمد الحول ، والقوة .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب