الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

أبي يشاهد الأشياء المحرمة ؟!

تاريخ النشر : 15-05-2010

المشاهدات : 22877

السؤال

اكتشفت مؤخرا أن أبي بدأ يطلب مني الكمبيوتر ، فبدأ يتعلق به ، وكان يقرأ الأشياء المفيدة ، وفي اليومين الأخيرين بدأ يطلبه مني ليلا ، ويبقى عليه فاكتشفت من المحفوظات أنه كان يبحث عن الأشياء المحرمة ، والأفلام الجنسية ، ولم يحصل شيئا ، علما بأنني ابنه الأصغر ، وعلما بأن حالتنا الاجتماعية سيئة جدا جداً . ولكن أبي هو الأب المثالي ، فإنه لم يقصر معنا بشيء ، حتى ولو كان ظروفه ما تسمح ، ويحبنا ، ويهتم بنا وبأمي ، ويحاول قدر ما يقدر أن يوفر وسائل الراحة لنا ؛ وأنا في حيرة من مري ، كأنه ما هو أبوي ، كأنه شخص آخر ؟!

الجواب

الحمد لله.

اعلم ـ أولا ـ أيها الابن الكريم ، أنك ينبغي أن تتحرك وتجاهد بدافع من حبك لأبيك ، وحرصك عليه ، وخوفك عليه من النار ، وغضب الجبار!!

ثم اعلم ـ ثانيا ـ أنه لا أحد منا معصوم من نزغات الشيطان ، واستدراجه له بمعصية ما ، يرى ضعفه في جانبها ، فيحاول أن يستزله بها .

ثم اعلم ـ ثالثا ـ أنه : ( مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) ، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فكيف إذا كان هذا المسلم أباك ؟!!

وبناء على ذلك ، فالواجب عليك أن تجتهد في سد هذا الطريق أمام والدك ، فتظهر حاجتك للجهاز ، لا سيما في الأوقات التي تخشى من مطالعته فيها لذلك ، أو تعطله بعض هذه الأوقات ، ولا بأس أن تعرض عليه بعض الآثار السيئة للجري وراء سراب هذه المواقع الإبليسية ، ولو بصورة غير مباشرة ، وما حل بهؤلاء المنحلين ، ودعاة الرذيلة ، من خزي الدنيا وفضائحها ، ولعذاب الآخرة أشد وأخزى .

غير أن ها هنا أمرا مهما ، يجب عليك تجاه أبيكم ، وهو أن تشاركوه همومه ، فربما كانت همومه ، وديونه ، ومسؤولياته ، هي الدافع له إلى أن يهرب من التفكير فيها إلى هذه التصرفات التي تستغربها أنت ، فحاول أنت وأمك وإخوتك أن تشاركوا أباكم همومه ، وأن تخففوا عنه أعباءه ، قدر استطاعتكم ، والعبء الأكبر في ذلك سوف يقع على والدتك الكريمة ، فهي موضع سره ، وستره ومستراحه ، فلتحاول أن تخرجه من ذلك ، وأن تحيا معه حياة زوجية طبيعية ، بعيدة عن الهموم والديون ، وليكن لكل شيء وقته وقدره ، ولتغنه بنفسها عن المطالعة في تلك المواقع ، والجري وراء السراب .

حاول ـ أخي العزيز ـ أن تدل أباك على ما يشغل به وقته ، من العلم النافع ، والعمل الصالح ، وأهده ما تستطيع من دروس العلم ، لا سيما تلك التي تواسي المحزون والمهموم ، ثم نوعا آخر من الدروس ، حول العفة ، وغض البصر ، والتحذير من مطالعة المحرمات ، من الصور ونحوها .

وإذا كنت ترى فيه ، كما هو ظاهر لنا ، ضعفا من الهموم والديون ، فدله على الصلاة ، لعل الله أن يشرح صدره ، ويهدي قلبه ، ويريحه مما هو فيه ، وقد روى أبو داود في سننه (1124) ـ وصححه الألباني ـ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى ) .

حزبه : أي : أهمه ، وشغل باله .

وفي سنن أبي داود أيضا (4333) ـ وصححه الألباني ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يَقُولُ : ( يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا ) .

وعلمه كلمات النبي صلى الله عليه وسلم التي كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ ، وَيَقُولُهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ : (  لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) ، كما رواه البخاري (5870) ومسلم (4909) .

نسأل الله أن يوفق والدك لما يحبه الله ويرضاه ، وأن يصرف عنه سبل الغواية ، ويحفظه من خطوات الشيطان .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب