الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

يقصر في زيارة أمه في إجازته !؟

تاريخ النشر : 15-06-2008

المشاهدات : 19893

السؤال

هناك رجل يسكن في الخارج ، وعندما يأتي مع زوجته ، لا يجلس مع أمه كثيرا ، ويذهب إلى بيت أم زوجته ، عندما نقول له : إنك تذهب كثيرا هناك يقول لنا : " النصف عندنا والنصف عندهم "، ولكن النصف الذي عندنا هو نوم فقط يعني "فندق" ؛ هل هذا الرجل يفعل الصواب ؟

الجواب

الحمد لله.


فالصواب أن يسعى هذا الرجل في إرضاء أمه بما يستطيعه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال:( رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الْوَالِدِ وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ ) . رواه الترمذي (1821) والحاكم في المستدرك (7249) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي عند قوله صلى الله عليه وسلم : (في رضا الوالد) " وكذا حكم الوالدة بل هو أولى " انتهى .
ويدل على ما ذكره الشارح من أن رضا الأم كرضا الأب ، بل أولى ، ما رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ !!
وهذا يدل على أن الواجب تقديم الوالدين : الأم ، ثم الأب ، على كل من سواهما في البر وحسن الصحبة والمعروف .
فكل ما كان من هذا القبيل ؛ كالزيارة ، والهدية ، والبر ، والاصطحاب في السفر ، وما أشبه ذلك ، أو عده الناس بر وإحسانا ، فكل هذا يقدم فيه الوالدان على من سواهما.
فإذا كانت الأم ترغب في أن يبقى ولدها عندها وقتاً أطول وأمرته بذلك ، وكان لا يتضرر بذلك البقاء ، فإنه يجب عليه طاعتها، قال العلامة ابن مفلح رحمه اله في الآداب الشرعية (1/433): " ومن الواجب بر الوالدين وإن كانا فاسقين وطاعتهما في غير معصية الله تعالى" انتهى.
ومن المعلوم في هذا المقام أن حرص الأم على بقاء الابن معها إنما يبعث عليه وفور محبتها له ، والأنس برؤيته فلا ينبغي للولد أن يدخل عليها الأذى بغيابه عنها.
لكننا نوصي الأم أيضاً بالمسامحة والعفو في التعامل مع ابنها ، وأن لا تضيق عليه ما دام يبقى معها أوقاتاً ، وهي لا تتضرر بذهابه في بعض الأوقات الأخرى ، فعيش الناس لا بد له من ذلك .
وليس ثمة تحديد لمقدار الوقت الذي يجب على الولد أن يبقى فيه مع أمه ، بل البر والصلة مردهما إلى العرف ؛ ثم هو يتفاوت تفاوتا بينا ، بحسب اختلاف أحوال الآباء ، وأحوال الأبناء ، والواجب من ذلك أن يجتهد الولد في إرضاء والديه ، وبرهما والإحسان إليهما ، على قدر استطاعته .
والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب