الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

يرسلون الذهب إلى شركة فتقوِّم ثمنه ثم ترسل لهم حسابه بعد ذلك

تاريخ النشر : 21-07-2009

المشاهدات : 8815

السؤال

ما حكمة الصفقة التجارية التالية : تقوم الشركة بإرسال صُرة إلى الزبائن الراغبين ببيع مجوهراتهم الذهبية إلى هذه الشركة ومن ثم يقوم الزبائن بوضع هذه المجوهرات الذهبية داخل تلك الصرة ثم يرسلونها إلى تلك الشركة حيث تقوم هذه الشركة بحساب سعر تلك المجوهرات الذهبية ومن ثم تقوم بإرسال المال المستحق إلى الزبائن . أرجو الأخذ بعين الاعتبار أنه من الصعب أو المستحيل أن تقوم الشركة بالذهاب إلى بيت كل زبون خصوصا الذين يعيشون في أماكن بعيدة , فما حكم الشريعة الإسلامية في مثل هذه الصفقة ؟ وجزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله.

روي البخاري (2134) ومسلم (1586) عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا ، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا ، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا ، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ) .

ومعنى : هاء وهاء : خذ وهات .

وروى مسلم (1587) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ ، مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ . فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) .

وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز تأخير أحد الربويين إذا بيع بالآخر، وأنه يجب على المتعاقدين أن يتقابضا في المجلس .

فتأخير القبض في أحد الربويين المتحدين في علة ربا الفضل لا يجوز ، وهو ربا النسيئة ، فإذا كان عندنا ربويان اتحدا في علة ربا الفضل ولو اختلف جنسهما فإنه لابد عند مبادلة أحدهما بالآخر أن يكون ذلك يداًَ بيد .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

" إذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ : فَلَا بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً "

"الأم" (3/24)

وقال ابن قدامة في "المغني" (4/30) :

" كُلُّ جِنْسَيْنِ يَجْرِي فِيهِمَا الرِّبَا بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ , كَالْمَكِيلِ بِالْمَكِيلِ , وَالْمَوْزُونِ بِالْمَوْزُونِ , وَالْمَطْعُومِ بِالْمَطْعُومِ , عِنْدَ مَنْ يُعَلِّلُ بِهِ , فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْأُخَرِ نَسَاءً , بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ عليه السلام : ( فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ ) " انتهى .

وراجع : "المبسوط 14/10) – "تبيين الحقائق" (4/135) – "الموسوعة الفقهية" (26/350)

سئل علماء اللجنة :

أحيانا يشتري صاحب المحل ذهبا بالجملة بواسطة التلفون من مكة أو من خارج المملكة ، وهو في الرياض ، من صائغ معروف لديه ، والبضاعة معروفة لدى المشتري ، كأن تكون غوايش أو غير ذلك ، ويتفقون على السعر ، ويحول له الثمن بالبنك ، فهل يجوز ذلك أو ماذا يفعل ؟

فأجابت اللجنة : " هذا العقد لا يجوز أيضا ؛ لتأخر قبض العوضين عنه ، الثمن والمثمن ، وهما معا من الذهب أو أحدهما من الذهب والآخر من الفضة ، أو ما يقوم مقامهما من الورق النقدي ، وذلك يسمى بربا النسأ ، وهو محرم ، وإنما يستأنف البيع عند حضور الثمن بما يتفقان عليه من الثمن وقت العقد يدا بيد " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/475)

وقال علماء اللجنة أيضا :

" لا يجوز بيع الذهب بالذهب ، ولا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ، يدا بيد ، سواء كان العوضان من المصاغ أم من النقود أم كان أحدهما مصاغا والآخر من النقود ، وسواء كان العوضان من ورق البنكنوت أم كان أحدهما من ورق بنكنوت والآخر مصاغا أم من النقود .

وإذا كان أحد العوضين ذهبا مصوغا ، أو نقدا ، وكان الآخر فضة مصوغة أو نقدا ، أو من العُمل الأخرى - جاز التفاوت بينهما في القدر ، لكن مع التقابض قبل التفرق من مجلس العقد ، وما خالف ذلك في هذه المسألة فهو ربا ، يدخل فاعله في عموم قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ  ... الآية . البقرة/275 " انتهى

"فتاوى اللجنة" (13/484)

وفتاوى العلماء في ذلك أكثر من أن تحصى .

والخلاصة : أن هذه المعاملة المسئول عنها لا تجوز ؛ لأنها من المعاملات الربوية المنهي عنها ، وليس المطلوب أن تنتقل الشركة إلى كل زبون في مكانه ؛ لكن بالإمكان أن ترسل له ثمن الذهب ، مع المندوب الذي يستلم الذهب من بائعه ، أو توكل من تشاء في ذلك ، أو ينتقل هو إلى مقر الشركة ، ليبيع بنفسه عندها ، ويستلم الثمن .

وعلى أية حال ، فلا يظهر لنا صعوبة في إيجاد المخرج الشرعي ، من هذه المعاملة الممنوعة ؛ ومن يتق الله يجعل له مخرجا !!

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب