لماذا يعتبر اللواط والسحاق حراماً في الإسلام؟ أعرف أنها حرام لكن لماذا؟ وما هو المذكور عنها في القرآن والسنة؟.
الحمد لله.
1. لا ينبغي أن يشك المسلم ولو للحظة في أن شرع الله حكيم ، وينبغي أن يعلم أن ما أمر الله به وما نهى عنه فيه الحكمة البالغة ، والطريق القويم ، والسبيل الوحيد لأن يعيش الإنسان آمناً مطمئنّاً ، ويحفظ عرضه وعقله وصحته ، ويوافق الفطرة التي فطر الله الناس عليها .
وقد حاول بعض الملحدين الطعن في الإسلام وأحكامه ، فأنكروا الطلاق وتعدد الزوجات وأباحوا الخمور ، ومن نظر في أحوال مجتمعاتهم عرف الحال المزري الذي وصلت إليه تلك المجتمعات .
فلما أنكروا الطلاق : حصل القتل بدلاً منه ، ولما أنكروا التعدد : حصل اتخاذ العشيقات بدلا منه ، ولما أباحوا الخمور : انتشرت الرذائل والفواحش بجميع ألوانها وأشكالها .
وهما مخالفان لفطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها – بل البهائم كذلك – من ميل الذكر للأنثى والعكس ، ومن خالف في هذا خالف الفطرة .
وانتشارهما سبَّب أمراضاً كثيرة لا يستطيع الشرق والغرب أن ينكر وجودها بسببهما ، ولو لم يكن من نتائج هذا الشذوذ إلا مرض " الأيدز " – الذي يقضي على جهاز المناعة في الإنسان – لكفى .
وسبَّب – كذلك - تفكك الأسَر وانحلالها ، وترك الأعمال والدراسة والانشغال بمثل هذه الشذوذات .
ولا ينتظر المسلم – وقد جاءه التحريم من ربه تعالى – أن يُثبت الطب حصول الضرر على مرتكب ما نهى الله عنه ، بل لا بدَّ أن يجزم أن الله تعالى لا يشرع إلا ما فيه خير الناس ، ولا تزيده هذه الاكتشافات الحديثة إلا يقيناً وطمأنينة بعظيم حكمة الله تعالى .
قال ابن القيم :
وفى كل منهما – أي : الزنى واللواط - فساد يناقض حكمة الله في خلقه وأمره ؛ فإن في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد ؛ ولَأَن يقتل المفعول به خيرٌ له من أن يُؤتى فإنه يَفسد فساداً لا يرجى له بعده صلاح أبداً ، ويَذهب خيرُه كله ، وتمص الأرضُ ماء الحياء من وجهه فلا يستحي بعد ذلك لا من الله ولا من خلقه ، وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في البدن ، وقد اختلفَ الناس هل يدخل الجنة مفعول به ؟ على قولين سمعت شيخ الإسلام رحمه الله يحكيهما .
" الجواب الكافي " ( ص 115 ) .
2. السحاق والمساحقة لغةً واصطلاحاً : أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل .
واللواط لغةً : إتيان الذكور في الدبر ، وهو عمل الملعونين قوم نبي الله لوط عليه السلام . يقال : لاط الرجل لواطا ولاوط ، أي عمل عمل قوم لوط .
واصطلاحا : إدخال الحشفة في دبر ذكر .
ومما ذُكر عنهما في القرآن والسنَّة :
أ.قال تعالى : ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين . إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون الأعراف/80 ، 81 .
ب. إنا أرسلنا عليهم حاصباً إلا آل لوط نجيناهم بسحر القمر/34 . الحاصب : الريح ترمي بالحجارة .
ت. ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين الأعراف/80 .
وقال تعالى : ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين العنكبوت/28 .
ث. ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين الأنبياء/74 .
ج. ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون . أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون . فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون . فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين . وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين النمل/ 54 – 58.
هذا من حيث العقوبة التي وقعت على قوم لوط ، أما من حيث ما جاء في أحكامهم :
ح.قال تعالى : واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً رحيماً النساء / 16.
قال ابن كثير :
وقوله تعالى واللذان يأتيانها منكم فآذوهما أي : واللذان يفعلان الفاحشة فآذوهما ، قال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير وغيرهما : أي : بالشتم والتعيير والضرب بالنعال وكان الحكم كذلك حتى نسخه الله بالجلد أو الرجم ، وقال عكرمة وعطاء والحسن وعبد الله بن كثير : نزلت في الرجل والمرأة إذا زنيا ، وقال السدي : نزلت في الفتيان من قبل أن يتزوجوا ، وقال مجاهد : نزلت في الرجلين إذا فعلا لا يكنى ( أي يصرح ولا يستعمل الكناية ) - وكأنه يريد اللواط - ، والله أعلم .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 463 ) .
خ.عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط " .
رواه الترمذي ( 1457 ) وابن ماجه ( 2563 ) .
والحديث : قال صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الجامع " رقم : ( 1552 ) .
د.عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ... ملعون من وقع على بهيمة ، ملعون من عمل بعمل قوم لوط " . رواه أحمد ( 1878 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " رقم : ( 5891 ) .
ذ.عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل و المفعول به " .
رواه الترمذي ( 1456 ) وأبو داود ( 4462 ) وابن ماجه ( 2561 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " رقم : ( 6589 ) .
والله أعلم .