تحب ابن عمها وقد تقدم لخطبتها لكنه لا يصلي إلا الجمعة
الذي هداني للحجاب والنقاب والصلاة ، سؤالي حول ابن عمي , كان قد أسر لي بمحبته لي . والآن تقدم لخطبتي ووالدي يرفضه رغم علمه بأني أحبه وهو يحبني . سبب الرفض أنه لا يريد زواج أقارب وأن الولد لا يصلي إلا الجمعة وأنه يدخن ويشيش ويجلس على المقاهي , وأنه أقل مني ماديا واجتماعيا لأني طبيبة وهو موظف وأقل مني دينا ، ولأن لأهله مع والداي مشاكل عديدة . لكننا نحب بعضنا وأنا أرى أن سعادتي ليست في هذه المقاييس ولكنها مع من أحب , وأرى أن الله ممكن أن يهديه كما هداني فهو شاب خلوق . فهل يحق لي أن ألح على والدي بالزواج منه راجية من الله أن يهديه بعد الزواج ومتنازلة عن هذه الفروق ومتعلقة بحديث (لم أر للمتحابين مثل النكاح) ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
إذا كان ابن عمك لا يصلي إلا الجمعة ، ويدخن ويشيش ويجلس على المقاهي ، فلا ينبغي
لك قبوله ، بل لا يجوز لك قبوله ؛ لأن تارك الصلاة الذي لا يصلي إلا الجمعة فقط
مختلف في كفره عند أهل العلم ، فمنهم من يرى كفره ، ومنهم من يرى فسقه ، وهو على
أقل الأحوال مرتكب كبيرة من أكبر الكبائر .
فكيف ترضى المؤمنة المستقيمة التي من الله عليها بالهداية ، ودخلت في عداد
الملتزمات المستقيمات بالزواج ممن هذا حاله ؟!
وأما المحبة التي أشرت إليها ، فلا يُنكر أن خير علاج للمتحابين هو النكاح ، لكن لا
يكون هذا على حساب الدين ، فإن المحبة قد تتغير وتزول ، فيعقبها البغض والأذى ، لا
سيما إذا كان الرجل مفرطا في حق الله .
والزواج من غير المستقيم على أمل هدايته في المستقبل ، مغامرة قد لا تحمد عقباها ،
فقد يستقيم وقد لا يستقيم ، ولك أن تتخيلي كيف ستكون حياتك مع رجل لا يصلي ، ويؤذيك
برائحة دخانه النتن ، ويضيع وقته مع رفاق السوء في المقاهي .
ومثلك لا يخفى عليه الفرق بين حياة أهل الالتزام وحياة غيرهم ممن هم من أهل الصلاة
والخير في الجملة ، فكيف بالحياة مع تارك الصلاة وشارب الدخان .
وهذا الشاب إذا علم أنه رُفض لأجل تركه للصلاة ، وشربه للدخان ، فلم يتغير حاله ،
ولم يستقم ، فإن الأمل في استقامته بعد الزواج أبعد ، وإن كان لا يدري أحد ما يكون
في الغد إلا الله ، لكن هذا من حيث النظر العام إلى طبائع الناس ، فإنه إن كان
راغبا فيك حقا ، فإنه سيبذل ما في وسعه لتحسين صورته وتغييرها ، فإن لم يفعل ،
فاحتمال بقائه على حاله بعد الزواج احتمال قوي ظاهر .
ولهذا ننصحك أن تعملي على وصول خبر الرفض إليه معلَّلا بتقصيره وتفريطه في دينه ،
وأن الرفض ليس من والدك فحسب ، بل هو منك في الحقيقة عند التجرد عن العاطفة ،
والاحتكام للشرع ، فإن تغيّر واستقام ، ومضى على ذلك فترة كافية للتأكد من ثباته ،
فهنا يمكنك قبول خطبته ، والإلحاح على والدك في قبوله .
وأما إن ظل على حاله ، فدعي التفكير فيه ، واعلمي أن الرجال الصالحين غيره كثير ،
وأن الزواج حياة ممتدة ، وبناء كبير ، يحتاج إلى زوجين متوافقين متكافئين ، لتستقيم
حياتهما ، وينشأ بينهما ذرية صالحة ، وأسرة كريمة .
والسعادة لا تتحقق بوصول الإنسان إلى ما يريد ، ولكن السعادة الحقيقة هبة من الله
تعالى ، تتبع الإيمان والعمل الصالح ، كما قال سبحانه : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
النحل/97 .
ولذلك نرى حالات كثيرة بدأت بالحب قبل الزواج ، وانتهت بالفشل والتعاسة ، لأنها لم
تبن على طاعة الله .
وينظر جواب السؤال رقم (84102)
ففيه دراسة اجتماعية عن هذه القضية .
ثانيا :
لا يخفى أن ابن عمك أجنبي عنك كسائر الرجال الأجانب ، فلا مجال لأن يكون بينك وبينه
علاقة قبل الزواج ، فلا يمكّن من نظر أو مصافحةٍ أو خلوة أو حديث فيه خضوع بالقول ،
وقد قال الله تعالى : ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي
قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا )
الأحزاب/32
.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .