هل يُنصح بالتزوج من امرأة غير متحجبة وتربت في بلد أجنبي ؟
أنا شاب مقبل على الزواج من فتاة مسلمة ، ولكنها تربت في بلد أجنبي ، وهي غير محجبة ، وأنا في حيرة ، وخوف ، وقلق ، ولا أعلم ماذا أفعل ، والسبب : أنه إذا حصل الزواج أن تبقى على ما هي عليه - أقصد " الحجاب " - وسؤالي هو :
ما الذي يترتب علي ؟ هل هذا الزواج حرام ؟ وهل أأثم ؟ وماذا أفعل ؟
الجواب
الحمد لله.
للزوجة دور بالغ الأهمية في بيتها ، وبصلاحها تصلح – إن شاء الله – ذريتها ، ولا
يمكن تخيل مدى السوء الذي سيكون في بيت الزوجية في حال فساد تلك الزوجة ، فالزوج لن
يجد في بيته السكن ، ولا المودة والمحبة ، كما أنها ستؤثر سلباً على أولادها ، من
ذكور وإناث ، وهذا مشاهد لا يخالف فيه أحد .
وقد أوصانا الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم بالتزوج بذات الدِّين ، فقَالَ : (
تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ،
وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ )
رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 )
، فعليك بهذه الوصية المباركة ، ولا تفرِّط فيها ، واعلم أن الزوجة ستكون عرض
الإنسان وشرفه ، وستكون مربيةً لأولاده ، ومؤتمنة على ماله وبيته ، ولا خير في
امرأة لا تحفظ هذه الوظائف ولا تقوم عليها حق القيام ، والإنسان ابن بيئته ، وابن
بيته ، وإذا كان هذا الأمر يظهر في الرجال فإن ظهوره في الإناث آكد وأقوى ، فمن
تربت في بلد أجنبي ، وفي بيت لا يعرف الاستقامة والالتزام فإنه ستظهر آثار تلك
البيئة وذلك البيت على المرأة ولا شك ، إلا أن يرحم الله تعالى بعض الأفراد فيوفقهم
للهداية والاستقامة ، ولو أنها كانت مقبلة على الهداية ، وترغب بالتخلص من ماضيها ،
وتريد من يأخذ بيدها للاستقامة : لنصحناك بها ، ولرغبناك في التزوج منها ، أما
وحالها ليس كذلك : فإننا لا ننصحك بالتزوج منها ، وابحث عن غيرها ، ولعلك أن توفق
لذات الدين عاجلاً غير آجل .
وهذه فتاوى من علمائنا تؤيد ما قلناه لك ، ونصحناك به :
1. سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
لي أخ سيتزوج من فتاة متبرجة ، فما واجبي نحوه ؟ وبماذا تنصحه بعد أن خطبها ؟ وما
الواجب عليَّ فعله إذا استعملت آلات اللهو والغناء داخل البيت احتفالاً بالعرس ؟
فأجابوا :
" عليك أن تنصحه أن يتزوج بذات الدين ؛ امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (
فاظفر بذات الدِّين ) ولا تحضر حفلة الزواج التي تستعمل فيها آلات اللهو والغناء
إلا إذا كنت قادراً على إنكار المنكر ، فإن لم تكن قادراً على ذلك : وجب عليك
اجتناب المنكر على الأقل " انتهى
.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 182 ، 183
) .
2. وسئلوا – أيضاً - :
ما حكم الإسلام في رجل تزوج بامرأة لا ترتدي الزي الإسلامي ، وهل يحمل سيئات أم لا
على أنها متبرجة ، وبالرغم أنه نصحها وأمرها به هل يجوز له أن يطلقها ؛ لأنها لا
ترتدي هذا الزي ؟ بالرغم أنها معترفة به وتقول : إنه فرض .
فأجابوا :
" على الزوج أن يستمر في نصحها وحسن توجيهها ؛ لعل الله أن يهديها ويوفقها ، وإذا
بذل وسعه في نصحها : فليس عليه إثم ، فإن أصرَّت على البقاء على المنكر : فواجب
عليه أن يطلقها " انتهى
.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 181 ) .
3. وقال الشيخ محمد بن صالح
العثيمين رحمه الله وهو يذكر صفات الزوجة :
( ديِّنَةٍ ) ، أي : صاحبة دين ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : ( تُنكح المرأة
لأربع : لمالها وحسبها وجمالها ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) ، فالديِّنة
تعينه على طاعة الله ، وتُصلح مَن يتربى على يدها من أولاده ، وتحفظه في غيبته ،
وتحفظ ماله ، وتحفظ بيته ، بخلاف غير الديِّنة فإنها قد تضره في المستقبل ، ولهذا
قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فاظفر بذات الدين ) ، فإذا اجتمع مع الدِّين
جمالٌ ومالٌ وحسبٌ : فذلك نور على نور ، وإلا فالذي ينبغي أن يختار الديِّنة .
فلو اجتمع عند المرء امرأتان : إحداهما جميلة ، وليس فيها فسق أو فجور ، والأخرى
دونها في الجمال لكنها أدين منها ، فأيهما يختار ؟ يختار الأدين .
...
وقد يقول بعض الناس : أتزوج امرأة غير ديِّنة لعل الله أن يهديها على يدي ، ونقول
له : نحن لا نكلَّف بالمستقبل ، فالمستقبل لا ندري عنه ، فربما تتزوجها تريد أن
يهديها الله على يدك ، ولكنها هي تحولك إلى ما هي عليه فتشقى على يديها "
انتهى .
" الشرح الممتع " ( 12 / 13 ، 14 )
.
ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال رقم (96584)
.
ونسأل الله تعالى أن ييسر لك زواجاً بامرأة صالحة ، وأن يعينك وإياها على إنشاء
أسرة طيبة صالحة .
والله أعلم