لزوجتي صديقة حديثة الزواج، ولم يشأ الله سبحانه وتعالى لهذا الزواج أن يدوم ، وبعد فترة من الزمن قرر الزوجان الانفصال، وقبل أن ينفصلا اتضح أن الزوجة حامل في شهرها الأول ( تقريباً )، وقامت الزوجة هداها الله بإجهاض الجنين بحجة أنها لا تريد أبناءً من هذا الزوج أو أي شيء يربطها به، علماً بأنها لا تعاني من أي مرض، وزوجها خلوق جداً ولم يقصر عليها بشيء ولله الحمد، وبعدما تبين للزوج فعلتها قام بطلاقها ولم يسامحها على فعلتها وقال لها : أنا غير راض عن فعلتك ولن أسامحك عليها ، وطلقها وأرسل ورقة الطلاق لها . ما حكم فعلتها ؟ وما كفارتها ؟ والواجب تجاهها ؟
الحمد لله.
اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض قبل مرور أربعين يوما على الحمل ، وقبل نفخ الروح في الجنين ، فذهب جماعة من الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة إلى جوازه ، قال ابن الهمام في "فتح القدير" (3/401): " وهل يباح الإسقاط بعد الحبل ؟ يباح ما لم يتخلق شيء منه ، ثم في غير موضع , قالوا : ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما , وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فهو غلط ، لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة " انتهى .
وقال الرملي في "نهاية المحتاج" (8/443) : " الراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقا ، وجوازه قبله ".
وفي حاشية قليوبي (4/160) : " نعم يجوز إلقاؤه ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه ، خلافاً للغزالي" .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (1/386) : " يجوز شرب دواء لإسقاط نطفة . ذكره في الوجيز ، وقدمه في الفروع . وقال ابن الجوزي في أحكام النساء : يحرم . وقال في الفروع : وظاهر كلام ابن عقيل في الفنون : أنه يجوز إسقاطه قبل أن ينفخ فيه الروح وقال : وله وجه انتهى ".
وذهب المالكية إلى عدم الجواز مطلقا وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة ، قال الدردير في "الشرح الكبير" (2/266) : " لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوما، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعا ".
وقد اختار هذا القول مجلس هيئة كبار العلماء ، فجاء في قرار المجلس :
" 1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .
2- إذا كان الحمل في الطور الأول ، وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز إسقاطه . أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقّة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز " انتهى .
ثانيا :
على كلا القولين ـ الجواز أو التحريم ـ فهذه الزوجة فعلت شيئا محرما لأنها إنما فعلت ذلك بدون إذن الزوج ورضاه ، فيجب عليها التوبة إلى الله تعالى ، والندم على ما فعلت ، وليس عليها كفارة .
والله أعلم .