أخذ مالا ليضارب فيه فهل يصح أن يكتب على نفسه شيكا بالمبلغ؟
شخص أعطى لآخر مبلغا من المال ليضارب له به في الأسهم نظير نسبة محددة . فكتب الآخذ للمعطي شيكا بقيمة المبلغ وترك التاريخ مفتوحا ، ليكون المعطي مطمئنا على ماله فما حكم ذلك ؟
الجواب
الحمد لله.
إذا أعطى الإنسان ماله لغيره ليضارب له في تجارة مباحة ، من أسهم أو غيرها ، فإنه
لا يجوز أن يشترط عليه ضمان المال ، بل المضارب أمين ، فلا يضمن إلا إذا تعدى أو
قَصَّر أو خالف شرط صاحب المال .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) : " الخسران في الشركة على كل واحد
منهما بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر , فالخسران بينهما نصفين , وإن
كان أثلاثا , فالوضيعة أثلاثا . لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم . وبه يقول أبو
حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة (الخسارة) في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شيء ; لأن
الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون
نقصه من ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء "
انتهى
.
وقال أيضا : " متى شرط على المضارب ضمان المال , أو سهماً من الوضيعة , فالشرط باطل
. لا نعلم فيه خلافا. نص عليه أحمد . وهو قول أبي حنيفة , ومالك"
انتهى من "المغني" (5/40).
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة 1408هـ ،
الموافق 1988م بشأن سندات المقارضة :
"لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس
المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال ، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو
ضِمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل "
انتهى من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (4/3/2159)
.
وعلى هذا ، فالذي ينبغي أن يكتب بينكما عقد مضاربة ، يذكر فيه رأس المال ، وكيفية
توزيع الأرباح ، ومجال التجارة ، ومدة العقد ... ونحو ذلك مما يقطع النزاع ، ويحفظ
لكل واحد من المتعاقدين حقه ، ويشهد على ذلك شاهدان .
ولكن .. إذا نظرنا إلى الواقع ، فنظراً لفساد ذمم كثير من الناس ، وقلة أمانتهم ،
وتكرار قضايا الاحتيال ، وأكل الأموال بالباطل ، فإن أصحاب الأموال يلجأون إلى
كتابة "شيك" أو "وصل أمانة" ليضمن حقه ، حتى لا يتلاعب به شريكه ويأكل عليه أمواله
، فإذا ذهب إلى المحكمة ومعه عقد الشركة فإن القضية قد تبقى في المحكمة سنوات حتى
يأخذ حقه ، أما قضايا "الشيك " أو "وصل الأمانة" فهي أسرع ، وأَضمن لحقه، وهذا
التصرف لا بأس به ، لكن لا يجوز لصاحب المال أن يطالب بماله إلا في الأحوال التي
حصل يثبت فيها تقصير العامل أو تسببه في تضييع المال.
والله أعلم .