الإيداع في البنك الربوي لغرض حفظ المال
كانت لي فلوس في بنك ربوي أخرجتها ووضعتها في بنك إسلامي أصل هذا البنك ربوي (بنك مصر) فهل علي وزر ؟ وإذا كنت لا أملك مكانا أضع فيه الفلوس أو أخاف من أن أصرفها فهل هذه ضرورة تبيح لي هذا المحذور ؟ ولو وجدت آراء للعلماء في هذا الموضوع أرجو توضيح الآراء .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
لا حرج في وضع المال في البنك الإسلامي المنضبط بالشرع ، ولو كان أصله ربوياً ، بل
ينبغي تشجيع البنوك على التخلص من الربا ، وضبط معاملاتها بالشرع ، ونحن لا علم لنا
بالبنك المذكور ولا بجدية تحوله إلى بنك إسلامي .
ثانيا :
الإيداع في البنك الربوي محرم ، سواء كان بفائدة أو بدون فائدة ؛ لأنه إن كان
بفائدة فهو القرض الربوي الصريح ، وإن كان بغير فائدة فهو من إعانة البنك على الربا
، لأنه معلوم أن البنك يستفيد ويتقوى بهذه الأموال .
إلا أن أهل العلم استثنوا حالة خاصة وهي ما إذا خاف الإنسان على ماله ولم يجد مكانا
آمنا يحفظ فيه ماله ، فإنه يجوز له الإيداع في البنك الربوي ، من باب أن الضرورات
تبيح المحظورات ، وحينئذ يلزمه أن يودع في الحساب الجاري من غير فائدة من باب :
الضرورة تقدّر بقدرها ، وارتكاب أخف الضررين ، فهذه حالة مستثناة من عموم الحكم
بتحريم الإيداع في البنك الربوي .
وقد سُئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ما قولكم -وفقكم الله- فيمن يودع أمواله
لدى البنوك التي تتعامل بالربا ، وتستعين بما لديها من ودائع الناس في المعاملات
الربوية ، مع العلم أن هذا المودع يستطيع حفظ ماله عن السراق بالصناديق المحكمة
والخاصة بحفظ الأموال ؟
فأجابوا : "إذا كان البنك يستعين بما وضعه لديهم المودع من الأموال في المعاملات
الربوية ، وكان صاحب المال يستطيع أن يحفظ ماله من السراق ونحوهم بطرق أخرى ليس
فيها ربا - حرم عليه إيداعه في البنك وغيره ممن يستعمله في معاملات محرمة ، ويستعين
به على ارتكاب المنكرات ، فإن وسيلة الشر شر ، والإعانة على فعل المحرم حرام ،
والوسائل لها حكم الغايات" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/343) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : الذي عنده مبلغ من النقود ووضعها في أحد البنوك
لقصد حفظها أمانة ويزكيها إذا حال عليها الحول ، فهل يجوز ذلك أم لا ؟
فأجاب : "لا يجوز التأمين في البنوك الربوية ولو لم يأخذ فائدة ؛ لما في ذلك من
إعانتها على الإثم والعدوان ، والله سبحانه قد نهى عن ذلك ، لكن إن اضطر إلى ذلك
ولم يجد ما يحفظ ماله فيه سوى البنوك الربوية ، فلا حرج إن شاء الله ؛ للضرورة ،
والله سبحانه يقول : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا
اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) ومتى وجد بنكا إسلاميا أو محلا أمينا ليس فيه تعاون على
الإثم والعدوان يودع ماله فيه ، لم يجز له الإيداع في البنك الربوي "
انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز"(19/414).
وينظر جواب السؤال رقم (22392)
.
والله أعلم .