حدود الاختلاط المسموح به بين أفراد العائلة
ما هي حدود الاختلاط بين أفراد العائلة ؟ وأقصد الاختلاط بين النساء والرجال فنحن عائلة فيها ترابط وهم لا يتفهمون نقطة الاختلاط ، فتجد أن أبناء الخالة يعتبرون بنات خالتهم مثل أخواتهم ، ولكن في حدود يعنى حدود السلام بإلقاء السلام فقط ، وليس باليد ، وفي حدود الكلام المحترم غير المخل فهل هذا يجوز ؟
الجواب
الحمد لله.
جاءت الشريعة بضوابط واضحة تضبط علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه ، وتحول دون وقوع
الفتنة له أو لها ، ومن ذلك :
1- تحريم الخلوة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان
ثالثهما الشيطان) رواه الترمذي (2165) وصححه
الألباني في صحيح الترمذي .
وفي رواية : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ، ليس معها ذو محرم
منها ، فإن ثالثهما الشطان) رواه أحمد وصححه
الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في غاية المرام (180)
.
2- تحريم المصافحة واللمس ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لأن يطعن في رأس
أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)
رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار ، وصححه
الألباني في صحيح الجامع برقم (5045)
.
3- تحريم نظر الرجل إلى المرأة ؛ لقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا) النور/30، 31
.
وفي صحيح مسلم (2159) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : (سألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة ، فأمرني أن أصرف بصري ) .
وأما نظر المرأة إلى الرجل من غير شهوة ، فجائز على الراجح .
4- تحريم الخضوع بالقول من قبل المرأة ؛ لقوله تعالى : (فَلَا تَخْضَعْنَ
بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)
الأحزاب/32
.
5- وجوب ستر العورة ، وعورة المرأة أمام الرجال الأجانب ، جميع بدنها بما فيه الوجه
والكفان ، وينظر جواب السؤال رقم (11774)
.
وهذه الضوابط تنطبق على تعامل المرأة مع كل رجل أجنبي عنها ، ولو كان قريبا كابن
العم وابن الخالة ، بل ينبغي التحرز والاحتياط في التعامل مع القريب ؛ لأن اعتياد
رؤيته ودخوله وخروجه ، مما يساعد على وقوع الفتنة إذا لم تراع الضوابط السابقة ،
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ) فقال رجل من
الأنصار: يا رسول الله ، أفرأيت الحمو ؟ قال: ( الحمو الموت )
رواه البخاري (4934) ومسلم (2172)
.
الحمو : أخو الزوج وابن عمه وما أشبهه من أقارب الزوج .
وأما مجرد إلقاء السلام من غير مصافحة ، أو الكلام عند الحاجة مع عدم الخضوع بالقول
، أو الوجود في مكان واحد ، مع الستر وانتفاء الخلوة ، فهذا لا حرج فيه .
وفي بعض المجتمعات يبدو تمسك المرأة بهذه الضوابط غريبا ، لقلة العلم ، وكثرة
المترخصين ، فعليها أن تصبر ، وأن تبين وتوضح قدر استطاعتها .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات .
والله أعلم .